كتبت أكثر مما قرأت

TT

حتى لو صح زعم بورخيس اننا على مر العصور إنما نطالع كتاباً واحداً، فان لكل شاعر أو باحث نكهة تضاف إلى المكتبة الكونية. في العام 2003 ربما كتبت أكثر مما قرأت، مع الكثير من المبالغة. إذ فاض الشعر بعد توقف ثلاثة أعوام. فوضعت ديوانين اثنين كما عدت على مخطوطة شعرية تمهيداً لإصدارها مطلع 2004. الكثير من الدواوين الشعرية القديمة والحديثة عدت إليها كمن يعود على ذاك البرق الذي التمع في عينيه حين قراءتها للمرة الأولى: الماغوط، تشيمبوريسكا، كواسي مودو، جوتفرت بن، عناية جابر، وديع سعادة، عدا جديد الإصدارات سواء للشعراء النجوم أو الأقل نجومية. وتوقفت مطولاً عند ديوان عباس بيضون («الجسد بلا معالم») القادر على إعادة طرح سؤال الشعر بحيوية واختبار وجدة. كما قرأت مجموعة محمود درويش الأخيرة «لا تعتذر عما فعلت» مفضلاً عليها مجموعته «حالة حصار».

طبعاً بعض الروايات مججتها غصباً عني، إذ قراءة الرواية تضجرني بغض النظر عن براعة كاتبها، مفضلاً التكثيف الشعري على كل فن آخر. باودولينو، أمبرتو ايكو، 11 دقيقة باولو كويلو، مذكرات غابريل غارسيا ماركيز، وكتابات لأنطوني غيدنز «عالم جامح، كيف تعيد العولمة تشكيل حياتنا»، وبيار بورديو «السيطرة الذكورية». طبعاً أنسى ولا أتناسى العديد من المؤلفات التي أمتعتني، وأمدتني بالتواصل مع الكوني والآخر والذات. وربما لولا خاصية النسيان لما اتسع الرأس لأكثر من مئات الكتب ولكانت الذكريات مجرد حاضر دائم يعاقبنا بثقله، مع ان الذكريات التي تبقى من الكتب أكثر متعة وأنعش للخيال مما يتركه التلفزيون أو السينما، أو العوام من الناس.

* كاتب لبناني