«حصار الثلج» و«وميض البرق»

TT

تسنى لي ان اقرأ في العام المنصرم عديداً من الكتب، في مجملها أدبية، لكن أهم ما لفت نظري ثلاثة كتب، أعتقد أنها أمدتني بمتعة كنت بحاجة إليها في هذا الزمن الرديء. الكتاب الأول هو «حصار الثلج» للكاتب السعودي عبد الله محمد الناصر، مجموعة قصصية تتضمن تسع عشرة قصة كل منها يحاكي الآخر في الإبداع. وهي تحكي معاناة وأحلام شرائح مختلفة من المجتمع العربي، سواء في المملكة أم خارجها، في أسلوب يمتزج فيه الصدق بالسخرية والشفافية بالتهكم. ان الحياة مع هذا الكاتب تبدو رائعة وجديرة بأن تعاش برغم الكم الهائل من المآسي والمخاوف التي يزرعها المؤلف في نصه القصصي عن هواجس الإنسان العربي، في صراع البقاء مع أعداء أقوياء متوحشين. الكتاب الثاني هو «وميض البرق» رواية الكاتب السوري ياسين رفاعيه، نحا فيها منحى المونولوج الداخلي الذي ابتدعه كل من جيمس جويس وفرجينيا ولف، وأطلقا عليه تيار الشعور. وياسين رفاعيه في هذه الرواية كتب شيئاً جديداً لم يألفه من قبل. واعتقد ان التجديد أو التجريب الذي سلكه في هذه الرواية سيثير ردود فعل مستأنسة وأخرى معارضة، لأن هذا الأسلوب يحظى دائماً بمن يؤيده ومن يشجبه، وان كان الاستحسان عندي حصيلة قراءتي لهذه الرواية، مع اني استكثرت تكراره لعبارات الموت والحنين إلى الزوجة الميتة مع الإحساس بالإحباط السوداوي.

أما الكتاب الثالث، فهو ديوان شعر يحمل عنوان «حنين التراب» للشاعر اللبناني ياسر بدر الدين المقيم حالياً في كندا. ومن عناوين القصائد التي جاءت بين دفتي الديوان نستشف بيسر فيض الأحاسيس والمشاعر الصادقة العذبة والمتألمة أيضاً التي تتجلى في أعمال هذا الشاعر الجنوبي المبدع. «لعينيك هذا الغمام» فيها من الحب ما يشي بسمو العاطفة لدى الشاعر وأيضاً «مرثية إلى أمي» تنبض اشتياقاً إلى أمه الراحلة بكلمات آسرة تدخل الحزن إلى القلب المفعم بالأسى. ولا مجال لاستعراض بقية عناوين القصائد فهي تتأطر في أسلوب الشاعر المرهف الذي افتقد البهجة في العالم الآني، فيحاول العثور عليها في الخيال.

* روائي لبناني