مثقفون سعوديون يتناولون الاتهامات الأميركية لبلادهم في كتاب بأربع لغات

TT

قدّم مجموعة من المثقفين السعوديين رسالة إلى القارئ الغربي عموماً، والأميركي على وجه الخصوص، تعليقاً على الاتهامات المتوالية في الإعلام الغربي للمملكة العربية السعودية، وخصوصاً تلك التي ربطت بين التكوين الثقافي والاجتماعي للسعودية وبين الإرهاب، على خلفية مشاركة خمسة عشر سعودياً من أصل تسعة عشر في تنفيذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001.

الرسالة هذه المرة لم تتخذ شكل البيانات الثقافية التي لجأ إليها المثقفون السعوديون غير مرة للتعبير عن آرائهم ومواقفهم حيال العديد من القضايا الداخلية والخارجية، وإنما أخذت شكل كتاب من 323 صفحة من القطع العادي، تحت عنوان (خطاب إلى الغرب.. رؤية من السعودية)، وقام الدكتور محمد البشر أستاذ الإعلام المشارك في جامعة الإمام محمد بن سعود، والكاتب الصحافي إبراهيم البليهي، بدمج البحوث والمقالات التي تناولت محاور الإصدار وإعادة صياغتها.

ويمثل الكتاب من حيث فكرته تطوراً ايجابياً من خلال تبني منهج الحوار، ومحاولة المؤلفين السعوديين مناقشة العوامل التي ترى بعض المؤسسات السياسية والفكرية والإعلامية في الولايات المتحدة الأميركية أنها ساهمت في صناعة أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وإن لاحظ بعض المهتمين على الكتاب انه يعاني من ذات الخلل الذي عانت منه بيانات المثقفين، كونه يعبّر عن مجموعة من المثقفين المنتمين إلى احد التيارات الفكرية المحلية عما يفترضون انه رأي جميع السعوديين أو اغلبهم، رغم أن هذا قد لا يكون صحيحاً في جميع الحالات. ولعل أبرز الملاحظات على الكتاب هي إحالة المؤلفين في الكثير من الحالات إلى النص الإسلامي من القرآن والسنة وآثار الصحابة، وهذا التراث لا يمثل للمتلقي ذات الأهمية التي يعنيها للمرسل ولا يقيم عليه حجة، فضلاً عن أن الاتهامات الأميركية تتناول الواقع الحالي لبعض الدول الإسلامية ومنها السعودية، وليس التاريخ الإسلامي البعيد ورموزه. وفي السياق ذاته يلاحظ على الكتاب الإصرار على الحديث عن النصرانية وعلاقتها بالإسلام والموقف منها، بينما المتلقي الغربي ـ في الغالب ـ هو علماني لا تعنيه المسألة الدينية إلى الحد الظاهر في الكتاب.

كما يبرز في الكتاب الذي تجري حالياً ترجمته إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية إصرار المؤلفين على بعض التعبيرات المستفزة للقارئ الغربي، مثل ما يرد في الصفحة 126 «... فإذا كان لبعض التنظيمات الإسلامية علاقة ببعض حوادث العنف في أميركا ـ على فرض ذلك ـ ...»، ويتكرر هذا المعنى في الصفحة 158 «... ذلك أن جل الأسماء التي وردت على لائحة منفذي التفجيرات في نيويورك وواشنطن (بغض النظر عن صحة تلك الاتهامات من عدمها) ...»، ومثل ما يرد في الصفحة 134 «... ومن المؤكد أننا سنكون الأكثر استعداداً لاحترام الأخلاق والعدالة، وفي الوقت ذاته الأكثر استعداداً للتضحية إذا اقتضى الأمر».

وكذلك ترد الكثير من العبارات التي ربما تثير جدلاً لدى القارئ السعودي فضلاً عن القارئ الغربي، مثل ما جاء في الصفحة 140 «... صحيح انه قد يوجد بيننا ـ كغيرنا من أهل الثقافات المختلفة ـ نوادر قلة لا يستطيعون أن يتقبلوا روح الحوار ولا يتعايشون مع الآخر ولا يتحملون أجواء الحريات ويختنقون مع نسائم الانفتاح...»، ومثل ما جاء في الصفحة 145 «... تبنى المناهج التعليمية لتؤكد على مجموعة من القيم والمبادئ والتي منها: العدل والإنصاف حتى مع الذين يختلفون مع المسلمين في العقيدة...»، فضلاً عن الفصل الأخير الذي يتحدث عن المعابد غير الإسلامية في الجزيرة العربية.

شارك تسعة عشر من المثقفين السعوديين في إعداد فصول الكتاب الأحد عشر، إذ أعدّ إبراهيم البليهي الفصلين الأول (دعوة للتواصل من اجل التفاهم المشترك) والثاني (الإرهاب: المفهوم والتاريخ والأسباب)، وكان الفصل الثالث (المسلمون والإرهاب) من إعداد من سلمان العودة وعبد العزيز القاسم وسعد العتيبي، فيما أعد الفصل الرابع (المملكة العربية السعودية والإرهاب) عبد الله اللحيدان. أما الفصل الخامس (الوهابية: المرجع والتاريخ والممارسة) فقد أعده كل من ناصر العقل ومحمد السلمان، واعد الفصل السادس (التعليم الديني في المملكة العربية السعودية) كل من محمد الحامد وزيد الحسين، واعد عبد الله بن وكيل الشيخ ونورة السعد والجوهرة العمر الفصل السابع (تعليم المرأة وعملها في المملكة العربية السعودية)، واعد عبد الرحمن الزنيدي وعبد الرحمن الرسي الفصل الثامن (حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية)، واعد الفصل التاسع (الجهاد والإسلام ) عبد الله المطلق وعبد الله الطريقي، واعد الفصل العاشر (المؤسسات الخيرية في المملكة العربية السعودية ) كل من ماجد التركي وخالد العجيمي، فيما اعد عبد الوهاب الطريري الفصل الحادي عشر (المعابد غير الإسلامية في الجزيرة العربية ).