ابن ظفار.. نقيض مكيافيللي العربي

TT

صدر عن دار الساقي في لندن كتاب «الأمير العادل» وهو من اعداد وتقديم الاكاديميين كيشيشيان ودكمجيان. الكتاب مهدى للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وقد قدم له الشيخ سلطان بن زايد، الذي يرى ان والده يمتلك خصائص الأمير العادل. يقع الكتاب في 349 صفحة من القطع الصغير، وموضوعه الاساسي هو مخطوطة تم تحقيقها سلفا واعادت دار الساقي طبعها مضيفة اليها التقديم، وكاتب هذه المخطوطة هو ابن ظفار المعروف بمسلم صقلية.

عاش ابن ظفار في القرن الثاني عشر وكان كثير الترحال.

وعنوان الكتاب الاصلي لابن ظفار هو « سلوان المطاع في عدوان الاتباع» وفيه نصح للحاكم المتدين، اذ ان ابن ظفار كالكثيرين غيره، يرى ان الدين والدولة هما شيء واحد، على خلاف مكيافيلي، الذي نصح الحاكم بالابتعاد عن الامور الدينية «فالسياسة لا تتواءم مع جوهر الدين».

ويشيد ابن ظفار بالحاكم المتدين، كما ذكرنا للتو، اذ انه في الدين تكمن الفضائل. ووضع ابن ظفار خصائص وجب على الحاكم الصالح التحلي بها وهي التالية: ـ ان يسر لدى رؤية رعيته فلا يكرهونه، ان يقتنع المواطنون ان وجوده على الكرسي هو في مصلحتهم، وأن لا يكون لينا كي لا يقهر، وأن يكون على اهبة الاستعداد لاحقاق الحق متى دعت الحاجة الى ذلك، وألا يبالغ بالثقة في النفس، وان يأخذ العبرة من التاريخ واعمال الكبار، وان يكون حريصا في ازمنة السلم، كما يكون حريصا في ازمنة الحرب، واخيرا ان يبدي شجاعة ونبل اخلاق وقوة شخصية.

ولم يتجاهل ابن ظفار مسألة القدرية في كتابه، لكن ما دام الامر سانحا فما على المرء سوى ان يمارس حياته الطبيعية. اما عندما تتأجج الفتن داخل حدود البلاد فعلى الحاكم.

1 ـ يركز ايمانه بالله، ان الايمان بالله لا يتزعزع ما دام مرتكزا على العلم، لهذا فإن ما يقوم به الحاكم عند الله عدل، هذا الاعتماد والتوفيق يعطي الحاكم الطمأنينة وراحة البال لكي يواجه الامور الصعبة ويسير قدما في حكمه.

2 ـ التآسي، اي الثبات في الموقف الدنيوي ما دام ذلك الموقف منسجما ويجسد حكمة دينية قولا وعملا.

3 ـ الصبر، فالاشياء لا تعالج مرة واحدة، انما يجب التصدي للأزمات ومعالجة الامور واحدة بعد الاخرى.

4 ـ الرضى، اذ ان على الحاكم ان يكون راضيا بحكم الله.

5 ـ الزهد كقيمة حياتية لا غنى عنها، لان «كل ما يفعله البشر هو قبض ريح».

ويفترض ابن ظفار ان الحاكم في موقع يتيح له خدمة رب العالمين، لهذا من الانجع ان يكون للحاكم علم ودراية بالشؤون العامة انطلاقا من العلم الذي مصدره كتاب الله.