مصطفى جباري: مجموع القراء في المغرب لا يتعدى 60 ألف قارئ

رئيس مجموعة البحث في القصة القصيرة في المغرب: هاجس المجموعة هو البحث الأكاديمي وحث النقد على رفع درجة اهتمامه

TT

تأسست «مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب» منذ عام 1999 بكلية الآداب والعلوم الانسانية بنمسيك بالدار البيضاء بمبادرة من مجموعة من الأساتذة الباحثين وهم: (أحمد بوزفور ومصطفى جباري وعبد المجيد جحفة وقاسم مرغاطة وسعيد منتسب وبوجمعة أشفري)، وذلك بهدف خدمة البحث في القصة بالمغرب وتشجيعه ومتابعة جديد التجارب القصصية داخل المغرب وخارجه، ودفع الطالب الى الاهتمام بالقراءة.

هنا حوار مع رئيس المجموعة ومنسقها.

* ما هي الأسباب التي دفعتكم لتأسيس «مجموعة للبحث في القصة القصيرة»؟

ـ أولى الأسباب التي دفعتنا لتأسيس هذه المجموعة هو غياب الاهتمام بالقصة القصيرة بالمغرب، سواء على المستوى الثقافي العام أو على مستوى الجامعة المغربية من حيث التدريس أو من حيث مجموعات البحث، حيث كان هناك غياب معرفي لنوعية هذا الجنس واتجاهاته وحساسياته، التي هي بالدرجة الأولى وظيفة النقد الذي لا يتتبع هذا الانتاج ولا يساهم في غربلته وفي ابراز قيمته الأساسية. أما الأهداف التي فكرنا فيها في البداية فهي متابعة هذا الانتاج القصصي والتعريف به لدى القراء والبحث فيه بشكل موضوعي وعلمي، لأن «مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب» هي مجموعة بحث أكاديمية تشتغل في اطار الجامعة وفي اطار القانون الداخلي الذي تسمح به الجامعة المغربية. ومع الممارسة بدأت بعض المهام تتضح وتأتي بشكل تلقائي، حيث يمكن ملاحظة ذلك على مستوى المنشورات التي صدر منها لحد الآن ثلاثة كتب دراسية نقدية وعشرمجموعات قصصية.

* ألم تجد المجموعة متنفسا لها في اطار اتحاد كتاب المغرب باعتباره اطارا جامعا للمثقفين والكتاب المغاربة؟

ـ عملنا لا يتناقض مع عمل اتحاد كتاب المغرب، بل هو عمل متكامل، حيث نظمنا في البداية مجموعة من الأنشطة بتنسيق مع فرع اتحاد كتاب المغرب بالدار البيضاء. وعلى العموم فإن الاهتمام بجنس القصة القصيرة بالمغرب فيما قبل كان ضعيفا، حيث نظم اتحاد كتاب المغرب أنشطة معينة حول القصة، وتم إحداث جائزة للقصة في اطار جائزة اتحاد كتاب المغرب للمبدعين الشباب. فهاجس المجموعة كان هو البحث الأكاديمي وحث النقد على رفع درجة اهتمامه بهذا الجنس الأدبي، أما مسألة نشر الابداع فقد جاءت في مرحلة تالية لأنه ليست بالمغرب بنية عمومية للنشر. فالكتاب يبادرون بامكاناتهم الشخصية لنشر أعمالهم. نحن فتحنا هذه النافذة للنشر واستمرت بشكل تلقائي ونحن الأن بصدد التأمل في هذه التجربة لمعرفة هل هناك في كل ما نشر مشروع فني ما أو اتجاه معين.

* ألا تحصل المجموعة على دعم معين؟

ـ المجموعة تحصل على دعم من الجامعة حينما تنظم أنشطة ثقافية لأنها تشتغل في اطار الجامعة، أو من طرف جهات تهتم بعملها، كما حصل مع الكتاب الذي أعددناه حول بورخيس الذي نشرناه بالتعاون مع المعهد الثقافي الاسباني لأنهم يرغبون في نشر ثقافتهم. أما دعم وزارة الثقافة فلم نحصل عليه على الاطلاق لأننا ببساطة لم نطلبه منها ولم نطلب أي دعم آخر. أما نشر الابداع في اطار المجموعة فهو على نفقة الكاتب، وهي ظاهرة عامة في المغرب.

* من خلال تجربتكم في المجموعة هل يمكن القول أن جنس القصة القصيرة يعرف تطوراً ملحوظاً بالمغرب؟

ـ الأدب في المغرب عموما عرف تطورا كبيرا، وبغض عن كيفية هذا التطور، فقد فتح لشرائح واسعة من الشباب خصوصا نافذة ليقولوا شيئا. وهذا مهم جدا لأنه في مجتمعات مثل مجتمعنا مجالات التعبير فيها فقيرة جدا. فالأدب هو صوت من لا صوت لهم في المجتمع. القصة القصيرة بالمغرب تعرف تراكما كبيرا على مستوى الانتاج، وداخل هذا الكم هناك ابداعات نوعية وحقيقية. ولكن المشكل هو غياب النقد الحقيقي، فمازلنا، في اعتقادي، لم نع أهمية وظيفة النقد بالنسبة لأي فن من الفنون، هذا مع مع العلم أن النقد والقراءة عامل أساسي في تطور الأدب. فما أتمناه هو أن يزداد الاهتمام بالنقد وأن تتنوع مساراته وأن تتعدد حساسياته واتجاهاته حتى نستطيع في مرحلة معينة أن نحدد داخل هذا الكم، النوع الذي سيفتح آفاقا جديدة للكتابة القصصية بالمغرب. وعموما فالقصة بالمغرب.

* الى جانب «مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب» ظهرت في السنوات الأخيرة بالمغرب مبادرات تهتم بهذا الجنس من مثل: «جماعة الكوليزيوم القصصي» و«نادي القصة القصيرة بالمغرب». فالى ماذا تعزون مثل هذا الاهتمام؟

ـ هذا شيء جميل يجب أن يستمر، فهو مساهمة في الثقافة المغربية. وللجميع الحق أو من واجبهم المساهمة بشيء ما في هذه البنية الثقافية العامة. ولا يجب أن تكون لنا أي حساسيات أو خلفيات مسبقة بالنظر الى هذه الأشياء، فقط نتمنى أن يكون العمل بشكل جيد. وهذا الاهتمام بالقصة القصيرة يدل على أن القصة القصيرة أصبحت جنسا أدبيا تلتف حوله شريحة واسعة من الشباب المثقف، ويجب أن يؤخذ هذا بعين الاعتبار. إن هذه المساهمات نافذة يطل من خلالها الشباب المثقف على العالم ليس الداخلي بل حتى الخارجي، لأنه لا يجب أن ننسى أن القصة القصيرة فن العالم ونافذة يجب أن تبقى مفتوحة، وليس المهم من ينظر منها، بل الأهم هو أن تظل مشرعة بشكل جيد.

* ما رأيك في الانتاجات الابداعية القصصية للشباب المغاربة، خصوصا أن هناك من يرى أنها ابداعات لا أثر لها على الساحة الثقافية المغربية؟

ـ بصراحة أنا لا أتفق مع هذا الحكم الاعتباطي. أولا هناك مشكل قراءة على العموم في المغرب، فنسبة 60% من الأمية بالمغرب أمر خطير. فحسب بعض الاحصائيات الرسمية فمجموع القراء في مجموع المجالات المعرفية والأدبية بالمغرب يقدر بـ 60 ألف قارئ، وإذا أزلنا من هذه النسبة من يقرأون الكتب الدينية الرخيصة وكتب الرصيف والصحافة الصفراء وغيرها فكم سيبقى من القراء للكتب الابداعية. الكاتب ينشر من المجموعة القصصية ألف نسخة وينتظر أربع سنوات أو أكثر لتباع. أنا لا أرى المشكل في الابداع، بل هو يكمن في عملية القراءة وشروطها وفي وضعية المجتمع المغربي ككل. فعلى مستوى الانتاج القصصي المغربي نجد انتاجات متميزة وجميلة لبعض الكتاب الرواد والكتاب الشباب يمكن اعتبارها اسهاما في القصة بمفهومها العالمي. فحينما نصطدم بمشكل القراءة المشكل العويص بالمغرب، لا نجد إلا مثل تلك التخريجات التعميمية التي تقول أن هذا الأدب لا تأثير له. وفي الحقيقة الأدب لا يؤثر في شيء، إنه يؤثر في نخبة قليلة من المجتمع، ويمكن أن يؤثر بشكل كبير إذا ما أريد له أن يكون صوتا لمؤسسة ما أو لحزب أو جهة معينة. لكن الأدب الحقيقي فأثرة لا يظهر دائما في وقته بل في المستقبل. وحتى إذا ما أخذنا بذلك الأمر فإن النقد يجب أن يلعب دوره الحقيقي وأن يقول لنا لماذا لا يترك هذا الأدب أثرا ما في الساحة الثقافية المغربية.

* هل هناك شروط معينة للنشر في اطار «مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب»؟

ـ حينما شرعت المجموعة في النشر فقد كان ذلك بهدف الاسهام في التعريف بالعديد من الأعمال الأدبية في مجال القصة القصيرة، ولهذ لم تشترط المجموعة أي شروط بهذا الخصوص، وتركت الباب مفتوحا أمام كل من يرغب في ذلك. لكن ما تتوفر عليه المجموعة هو لجنة للقراءة تتكون من أعضاء مجموعة البحث ومن بعض الأساتذة والنقاد، تقدم لها الأعمال لتنظر فيها، ولكن اللجنة لا تتدخل على الاطلاق في اختيارات الكاتب الفنية والجمالية أو الاجتماعية. فالهدف هو اخراج عمل محترم يليق بالقراء.

* كم نسخة تطبعون عن كل مجموعة قصصية؟

ـ على العموم فالمجموعة تصدر منها 1000 نسخة، وأخيرا أصدرنا من مجموعة القاص سعيد منتسب والقاصة الزهرة رميج 1200 نسخة.

* وهل توزع بالكامل؟

ـ نعم إنها توزع على الرغم من المشاكل التي يعرفها هذا المجال بالمغرب الذي يصدق عليه ما يصدق على النشر بالمغرب. في البداية كان يوزع لنا الأعمال موزع بـ «دار التوحيدي» ولكن عمله كان متعثرا لا يغطي جميع المناطق، والأن شرعنا في العمل مع مؤسسة «سوشبريس»، ويبدو لنا أن التوزيع سيكون بشكل أحسن. وأذكر هنا حادثة وقعت لنا مع مؤسسة «سابريس» التي أعطيناها الكتاب الذي نشرناه حول بورخيس بتعاون مع المعهد الثقافي الاسباني وهو أول دراسة في العالم العربي حول هذا الكاتب العالمي. فبعد قبولهم للأمر في البداية تراجعوا في نهاية الأمر عن توزيع هذا الكتاب وذلك لأن الكتاب الأدبي كما يقولون لا يباع على عكس كتب السحر والشعوذة. فمعهد سيرفانتيس وزع النسخ التي أخذها من نفس الكتاب بالكامل في اسبانيا، وأخيرا اتصلوا بنا لنزودهم بمزيد من النسخ لأن الكتاب ما زال مطلوبا باسبانيا.

* تشرف المجموعة منذ سنتين على «ورشة للقصة» فما الهدف من هذه الورشة؟

ـ فعلا لقد انطلقنا منذ سنتين في الاشتغال مع طلبة كليتي الأداب بنمسيك وعين الشق في ورشة حول القصة صباح كل سبت وذلك بهدف تكوين الطلبة في الفن القصصي وتشجيعهم على الكتابة ابداعا ونقدا، وتشجيع عملية القراءة وذلك من خلال تعريفهم على بعض التجارب القصصية العالمية والعربية. وقد تمكنا بفضل هذه الورشة من فتح نافذة أخرى على الطلبة في الجامعة، وهي نافذة تسمح بتكريس قيمة الابداع وباظهار أصوات جديدة وممكنة. وسيصدر في نهاية هذه السنة كتاب خاص بالورشة سيعطي للقارئ فكرة عن طريقة عملنا.