جورج بوش الأب.. حياة باهتة ومجده الوحيد أنه أصبح رئيساً للولايات المتحدة

TT

قالت كلير بوث لوس، ذات مرة، أن التاريخ يذكر حتى أعظم الرؤساء بجملة واحدة: إبراهام لنكولن حرر العبيد وأنقذ الأتحاد، فرانكلين روزفلت أنقذ الأمة من الكساد الكبير وانتصر في الحرب العالمية الثانية. فماذا ستكون الجملة التي يدخرها التاريخ لجورج هربرت ووكر بوش؟ أي بوش الأب كما يقال؟

في هذا الكتاب الصغير عن سيرة الرجل، يقول الصحافي المخضرم أن الإنجاز الأكبر لبوش الكبير لن يتعدى أنه تمكن من أن يصبح رئيسا للولايات المتحدة. وقال الصحافي ويكر إن بوش، بمجرد وصوله إلى الكرسي الرئاسي، لم يفعل شيئا سوى الاستجابة للأحداث كلما اعترضت طريقه.

كان بوش بارعا جدا في الدبلوماسية، لكنه كان مفتقرا كليا للبريق في السياسة الداخلية، وهو واقع تفسره الخلفية التي جاء منها. ولأنه إبن سناتور، كانت له علاقات واسعة بوول ستريت، كما إنه حظي بالإمتيازات منذ نعومة أظفاره ودرس بالمدارس الخاصة. وقد مكنته خصائصة النادرة في خلق الصداقات والإحتفاظ بها، من إقامة علاقات واسعة مع قادة العالم أثناء عمله سفيرا لبلاده بالأمم المتحدة، ومبعوثا إلى الصين، ثم مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية.

وقد خدمته تلك الصداقات بصورة جيدة عام 1990، عندما غزا العراق الكويت، فاستطاع أن يكون تحالفا واسعا، ومثيرا للإعجاب ضد صدام حسين. وعندما نجح الحلفاء في إخراج العراق من الكويت، رفض بوش، وبصورة حكيمة في تقدير ويكر، الزحف على بغداد، وإسقاط صدام. وعلى نفس المنوال، رفض بوش، بعبارة ويكر: « الرقص على حائط برلين» أثناء سقوط الشيوعية في شرق أوروبا والاتحاد السوفياتي. هنا أيضا، كما يعتقد ويكر، ساعد منهج بوش الدبلوماسي غير الدرامي، في تحقيق الإنتقال السلمي لبلدان شرق أوروبا والاتحاد السوفياتي، من الشيوعية إلى ما هي عليه الآن.

ولكن بوش لم يكن لديه الاستعداد ليكون رئيسا في زمن الكساد الاقتصادي. وربما لم يكن واعيا بأن العاملين الأميركيين كان يثير قلقهم اختفاء الوظائف وتجميد الأجور وغياب الضمان الصحي. ويسرد ويكر كيف عارض بوش تمديد ضمانات البطالة، وأنه كان يندهش لماكينات المسح في المحال التجارية الكبرى، وأنه نظر إلى ساعته بينما كانت أمرأة تشرح له مشاكلها الاقتصادية.

ما الذي حمل بوش على الترشيح لرئاسة الولايات المتحدة؟

يقول ويكر أن خوض بوش أربع حملات إنتخابية قومية يرجع إلى « رغبته الحارقة لأن يصبح رئيسا للولايات المتحدة.». ولكنه يعترف بأن بوش كان يريد أن يخدم الأمة بقدر ما كان يرغب في النجاح الشخصي. وقد تطوع وعمره 17 سنة، ليصبح أصغر ملاح أثناء الحرب العالمية الثانية. وقد واصل تنفيذ مهام الطيران حتى بعد أن أسقطت طائرته.

وبالإضافة إلى شجاعته الجسدية، فقد كشف بوش عن شجاعة سياسية عندما اقتضت الأوضاع ذلك. فقد ايد مشروع الإسكان العادل، في الكونغرس عام 1968، بالرغم من المعارضة التي كان يجدها المشروع في دائرته الانتخابية الغنية. كما أنه اقتحم اجتماعا للحكومة عام 1994، ليطلب من الرئيس نيكسون أن يستقيل بسبب فضيحة ووترغيت. ولكن بوش كان يسير، على العموم، مع تيار اليمين في الحزب الجمهوري، بدءاً بمعارضته لقانون الحقوق المدنية عام 1964، وحتى تأييده لما كان يسميه من قبل «اقتصاد السحرة»، بمجرد أن عينه رونالد ريغان نائبا للرئيس.

ومع أنه شغل خلال 12 عاما أكبر منصبين في البلاد، إلا أنه لم يترك بصمات بارزة على المسرح الوطني. وقد كان باهتا للدرجة التي ستجعل كثيرا من القراء يتهمون هذا الكتاب عن سيرته الشخصية بأنه لم يذكر سوى النزر اليسير عن الخلفية التي خلقت بوش الأصغر، المتصف بنوع من الإيمانية الفظة التي كان والده يفتقر إليها كليا.

* كان كوسنيت كاتب خطابات في ثلاث حملات انتخابية معادية لجورج هربرت دبليو بوش، إذ عمل مع بيل كلينتون عام 1992، ومايكل دوكاكيس عام 1988 وولتر مونديل عام 1984 .

* خدمة لوس أنجليس تايمز ، خاص بـ«الشرق الأوسط»

* جورج هربرت ووكر بوش

* المؤلف: توم ويكر