كتاب مصري يناقش المفاهيم الفلسفية المتعددة لإشكالية الليبرالية

TT

يتناول الدكتور ياسر قنصوة في كتابه «الليبرالية اشكالية مفهوم» الصادر اخيرا عن دار قباء، والحائز على جائزة الدولة التشجيعية بمصر المفاهيم المتعددة لليبرالية والتي يشير الى انها بدأت كتقليد غير واع بذاته بمعنى ان الافكار الليبرالية المتباينة المختلفة عبر التقليد الليبرالي لا يمكن ان تشكل مذهبا فلسفيا متكاملا له منهجية محددة تحدد اساس التعامل معه وانما ليبراليات متعددة تحمل كل ليبرالية منها على حده سماتها المميزة لها.

ويفترض قنصوة النزعة الفردية كأساس فلسفي للمفهوم الليبرالي بوصفها البنية الاساسية التي اخرجت الليبرالية الى حيز الوجود ثم دعمتها بتصوراتها الفردية المتنوعة والتي تميزها عن سائر الآيديولوجيات الاخرى.

ويعقتد المؤلف ان التقليد الليبرالي يتنازعه من الداخل تياران ليبراليات اساسيان انبثقت عنهما باقي التيارات الليبرالية الاخرى: التيار الليبرالي اليميني (المحافظ) والذي يحدد الكتاب بدايته بالقرن السابع عشر عند هوبز وآدم سميث ولوك وديفيد هيوم وتستمر مسيرته حتى المحافظين الجدد (فريدريك هايك، وميلتون فريدمان) هناك ايضا كما يرصد قنصوة تياراً ليبرالياً ايضا لكن اجتماعي «الليبرالية الاجتماعية» ويبدأ من جون ستيوارت ميل في القرن التاسع عشر، اما مقولة اليسار الليبرالي والتي تطلق على بعض الليبراليين الاجتماعيين في حديثهم عن العدل الاجتماعي أو عدالة التوزيع أو المساواة بمعانيها المختلفة فهي مجرد افتراض يلائم اسلوب التصنيف الليبرالي المولع بالافتراضات أو آلية عمل الخيال اليبرالي الذي يجعل الاميركيين يربطون لفظة ليبرالي بالآيديولوجيات اليسارية، واشتراكية الدولة اكثر من ارتباطها بأفكار لوك حول حرية العمل وعدم الثقة في السلطة المنظمة.

ويلاحظ المؤلف انه رغم هذا التباين والتناقض الا ان ثمة فكرتين اساسيتين تدور حولهما تلك الافكار هما: الفردية والحرية.

ويقول قنصوة ان اليبرالية الجديدة اشبه بوصفة سحرية يمكن ابتلاعها من دون دراية بمكوناتها، وسيكون من الخطأ قبول الفلسفة الاقتصادية الاميركية للسوق الحر (الليبرالية الجديدة) على اساس قيمتها الظاهرية وتفسير تأثيرها على أنه اعادة عقارب الساعة الى الوراء عبر اكذوبة الانتماء الى «لوك».

وقد قوضت ـ حسب الكتاب ـ الليبرالية الجديدة صرح الطبقة الوسطى منذ ازمة الكساد الكبير عام 1929 وحتى 1970، هذا الكساد الذي حطم النظرية الليبرالية عن ارتباط المصلحة الفردية بالمصلحة العامة أو انه ليس ثمة تعارض بينهما، وهو ما ادى الى تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي (الرئيس الاميركي روزفلت) والتدخل الحكومي في فترتي هتلر، وموسوليني.

ويصل الدكتور قنصوة في سطور كتابه الاخير الى انه لا يوجد مفهوم محدد لليبرالية الجديدة التي ترفع شعارات ليبرالية من القرن السابع عشر، لا يمكن وضعها في منظومة فكرية معينة، حتى في صورتها الفكرية الفجة عند هايك مثلا، اذ ان هذه الشعارات صارت مادة اقتصادية في ايدي اصحاب رؤوس الأموال ورجال الاعمال.