«بين الاستشهاد والإرهاب» يناقش الهجمات الإرهابية في الدار البيضاء

TT

بمناسبة مرور سنة على الأحداث الارهابية التي شهدتها مدينة الدار البيضاء تعالت العديد من الأصوات والجهات في المجتمع المدني بالمغرب لادانة الارهاب وكل أساليب العنف والتخريب، وعادت العديد من الكتابات الى التذكير بمختلف القيم الحضارية والثقافية التي تميز الهوية المغربية والتي ترسخ مثل التسامح والاختلاف والقبول بالآخر.

وضمن هذا المنحى جاء العدد 43 من «سلسلة كتاب الجيب» الذي صدر عن منشورات الزمن بالرباط بعنوان «بين الاستشهاد والارهاب» للباحثة حنان السقاط المتخصصة في الدراسات الاسلامية بكلية الآداب بفاس، الذي تهديه إلى أرواح ضحايا الارهاب الأعمى من الشعب المغربي وإلى أرواح الاستشهاديين الحقيقيين أبناء فلسطين وأبطال انتفاضة الأقصى الشريف متوخية رفع الالتباس الذي أصبح يشوش على أذهان الكثيرين أمام نشاط العنف وتلاحق أحداث القتل التي تتضارب حولها الأوصاف بين الاستشهاد الذي يستحق الدعم والتثمين وبين الارهاب الذي ينبغي التصدي له ومحاربته، وهو الالتباس الذي جعل البعض يصف العديد من حركات المقاومة بالارهاب ويسوغ العمليات الارهابية باسم الاستشهاد.

ويتضمن هذا الكتيب، الذي يقع في 140 صفحة من الحجم الصغير، تقديما للدكتور عبد الهادي بوطالب ومدخلا عن الاستشهاد والارهاب وستة أقسام: تتناول الباحثة في الأول منها تاريخ العمليات الاستشهادية في فلسطين والوضع الراهن للشعب الفلسطيني وأساليبه في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي. وفي القسم الثاني تقدم الباحثة مجموعة من الآراء والفتاوى المحرمة أو المشرعة للعمليات الاستشهادية، وتحاول في القسم الموالي ضبط ملامح شخصية الاستشهادي الفلسطيني والمعالم العامة والصفات التي تجمع بين الاستشهاديين بشكل عام. ثم تنتقل للحديث عن العمليات الاستشهادية التي تعد السلاح الأكثر فعالية من قبل التنظيمات الاسلامية والعديد من التنظيمات الفلسطينية في الوقت الراهن، لأن مفعولها مباشر وحاسم في الرفع من معنويات الجانب المدبر للعملية. وتثير الباحثة بعد ذلك الجدل الذي أثير في السنوات الأخيرة في العالم العربي وحتى داخل فلسطين حول اعتماد العمليات الاستشهادية وفرضها كظاهرة اجتماعية في المقاومة. وتحاول في مجموع كتابها التمييز بين الارهاب والمقاومة وتركز على العمليات الاستشهادية الفلسطينية في مختلف مستوياتها التاريخية والاجتماعية والسياسية وذلك بالاعتماد على مصادر عربية اسلامية ومصادر عبرية تضيء وجهة أخرى في فهم هذه الظاهرة وتداعياتها، وذلك من دون أن تخفي ميلها لشرعية المقاومة عبر الاستشهاد باعتباره الوسيلة الوحيدة لتغيير موازين القوى في القضية الفلسطينية، وذلك بعدما باءت كل محاولات حل القضية بالفشل الذريع، ولا تن في هذا الكتيب أن تشير الى رفضها لكل محاولا ت تشويه هذا الأسلوب من المقاومة الشريف برأيها.

وفي تقديمه لهذا الكتاب يقول الكاتب عبد الهادي بوطالب إن الكاتبة حنان السقاط لم تكتب هذا الكتاب لمجرد ارضاء فضول البحث العلمي في تحديد مفهومي الانتحار والاستشهاد اللذين كتب الباحثون الكثير عنهما، بل من أجل «إضافة اضاءات منيرة وغنية وغير مسبوقة لتجلية مفهومي التعبيرين، ورفع الخلط المشين الذي يعتريهما وتقع فيه جملة من الباحثين سواء منهم السياسيون، والاجتماعيون، ورجال القانون، وفقهاء الشرع. ويزيد في اشاعة الخلط بينهم إرادة سياسية عند البعض لاستغلاله والاستفادة منه لفرض سياسة القمع على من يقاومون لتحرير الأوطان من الاحتلال والقهر، ويسترخصون أرواحهم فداء لأوطانهم الأسيرة وشعوبهم المقهورة».