دور الوساطتين السعودية والجنوب أفريقية في إخراج لوكربي من النفق المسدود

كتاب سعودي معزز بالوثائق والصور يتناول مقدمات القضية الشهيرة ومحاولات حلها

TT

مع بداية قضية لوكربي الشهيرة التي انتهى فصلها الأول قبل أيام بإدانة عبد الباسط المقرحي وتبرئة الأمين فحيمة، صدر العديد من المؤلفات حول هذه القضية، لكنها لم تعط في مجملها صورة واضحة وشاملة عن تفاعلاتها ودور الوساطة السعودية والجنوب أفريقية فيها، وهو قام به الباحث السعودي علي بن محمد العامر في كتابه الضخم الصادر أخيرا عن مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء تحت عنوان «أسرار وخفايا لوكربي ودور المملكة العربية السعودية».

ويتضمن الكتاب الذي يقع في 654 صفحة من الحجم المتوسط والمعزز بالعديد من الوثائق والصور، تقديماً للكتاب لعثمان بن ياسين الرواف أستاذ مشارك في العلوم السياسية في جامعة الملك سعود وعضو مجلس الشورى، ومقدمة للمؤلف مع مدخل عام حول العلاقات الدولية قديما وحديثا، اضافة الى تسعة أبواب مفصلة تناولت بداية الأزمة ومقدماتها، وردود الأفعال حيال تهديد ليبيا، وليبيا ومحكمة العدل الدولية، وكذلك الجهود الدولية السابقة لمحاولة حل الأزمة واخفاقها، ثم الانفراج الذي ساعد على حلها، وجاء بمبادرة من المملكة العربية السعودية ودولة جنوب افريقيا اللتين نجحتا في الخروج بالقضية من النفق المسدود الذي كانت قد وصلت اليه.

ولعل قارئ هذا الكتاب سيلاحظ توسع المؤلف في مناقشة خصائص ودور الوسيط الأول المملكة العربية السعودية أكثر من مناقشته لخصائص ودور الوسيط الثاني جنوب افريقيا. وقد تجلى هذا في استفاضته في مناقشة السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية والقاء الضوء على مواقف قادة المملكة والمسؤولين فيها حيال بعض القضايا الاقليمية والدولية المهمة. كما استعرض المؤلف جهود المملكة العربية السعودية وخبرتها في معالجة بعض القضايا العربية الأساسية مثل القضية الفلسطينية، ودورها في تسوية بعض قضايا النزاع مثل توسطها في الأزمة اللبنانية، وفي المصالحة الجزائرية ـ المغربية، وفي النزاع القطري ـ البحريني على الحدود. ولم يفت الكاتب في هذا المؤلف استعراض الوساطات الأخرى لبعض المنظمات الدولية والعربية والاسلامية في قضية لوكربي التي سبقت وساطة المملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا، والتي أخفقت رغم أهميتها بسبب المصاعب والعقبات التي اعترضتها. وفي تقديم لهذا الكتاب المهدى الى الملك فهد بن عبد العزيز يقول عثمان بن ياسين الرواف: إن هذا الكتاب يتضمن معالجة جيدة لثلاثة أبعاد رئيسية في موضوع قضية لوكربي وهي: استعراض أحداث وتطورات أزمة لوكربي وأبعادها وتفاعلاتها المختلفة، وتقديم نبذة عن الوسيطين السعودي والجنوب أفريقي ومكانتهما الدولية وعلاقتهما بالأطراف المعنية بقضية لوكربي، واستعراض تطورات عملية الوساطة والنتائج التي نجمت عنها، هذا اضافة الى نقاط أخرى مرتبطة بالموضوع يناقش فيها الكاتب التاريخ السياسي لليبيا بالشكل الذي يوضح معاناة الشعب الليبي الطويلة من النفوذ الغربي والأوروبي عامة ومن الاستعمار الايطالي بشكل خاص.

لقد بذل الكاتب، كما يقول المقدم، مجهودا متميزا استعرض فيه أحداث وتطورات أزمة لوكربي منذ يومها الأول حيث انفجرت الطائرة الأميركية المتجهة من لندن الى نيويورك في 21 ديسمبر (كانون الأول) 1988 وحتى الاعلان عن نجاح الوساطة السعودية الجنوب أفريقية في شهر مارس (آذار) 1999، ووصول المتهمين الليبيين الى هولندا في مطلع شهر أبريل (نيسان) 1999 تمهيدا لمحاكمتهما أمام القضاء الأسكوتلندي في قاعدة أميركية سابقة في هولندا. كما يتضمن الكتاب تفاصيل جزئية دقيقة مثل المعلومات الخاصة بالصندوق الأسود وبجهاز التوقيت الذي استخدم في تفجير الطائرة، وكذلك مناقشة قانونية واسعة للحجج المقدمة لتسليم المتهمين والرد عليها.

الكتاب: أسرار وخفايا لوكربي ودور المملكة العربية السعودية الكاتب: علي بن محمد العامر الناشر: مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء 2001 التوزيع: اديف المغرب =