سيرة «الجدار العنصري الفاصل» .. مبادرة في وقتها

TT

كتاب مدلل، ملّون، من القطع الكبير، رعته مجموعة من الخيّرين العرب، صدر حديثاً، ليقدّم للقراء فكرة وافية وشمولية بالكلمات والصور عن الجدار الذي تقيمه إسرائيل كسجن يعزل الفلسطينيين عن بعضهم البعض ويلتهم أراضيهم ويصادر مياههم. الكتاب الفني التوثيقي الذي يجمع ما كتب حول قضية الجدار شرقاً وغرباً، ويستطلع آراء سياسيين ومفكرين عرب مهمته جعل الصورة واضحة وناصعة لا تحتمل اللبس في عيني القارئ. وهي مبادرة تأتي في وقتها بعد أن تحركت مؤسسات مدنية غربية عديدة بالمال والأفكار من أجل هدم الجدار وتقليب الرأي العام العالمي ضده، كما كتب أوروبيون بينهم الفرنسي الشهير آلان مينار، يستفظعون جريمة بنائه، بينما بقيت المبادرات العربية في حدود التنديد الشفهي. والكتاب الذي يحمل عنوان «الجدار العنصري الفاصل» أو «جدار برلين الإسرائيلي» فيه شهادات وافية مقتطعة من الصحافة الغربية بما فيها الأميركية، وشهادات أخرى مقتطعة من الصحافة العربية، كما يضم وهذا هو الأهم، شهادات من الصحافة الإسرائيلية، عرضت تحت عنوان «كيف تنظر إسرائيل إلى الجدار؟»، إضافة إلى النص الصادر عن محكمة العدل الدولية والذي يؤكد لاقانونية بناء هذا الجدار.

ومما يقوله الكتاب بالأرقام: بدأت إسرائيل بناء الجدار في يونيو 2002، على امتداد الضفة الغربية، يتراوح طوله بين 680 و700 كيلومتر، أنجز منه لغاية الآن، وكمرحلة أولى 145 كيلومتراً، وسيمتد في المرحلة الثانية 160 كيلومتراً إضافية. مقارنة مع جدار برلين فهو أطول منه بما نسبته أربع مرات وأعلى بما نسبته الضعف. وقد نتج عن تنفيذ المرحلة الأولى فقط من البناء قضم 17 قرية فلسطينية وضمها عملياً إلى إسرائيل، إضافة إلى 10 مستوطنات كبيرة كانت قد أقيمت على أراضي 1967، ومصادرة حوالي 180 ألف دونم من الأراضي. وبحسب البنك الدولي فإن المرحلة الأولى من بناء الجدار أدت إلى عزل وإخضاع وإفقار 200 ألف فلسطيني، كما ان إقامته سوف تنقص كمية المياه للفلسطينيين بما يزيد عن مليار غالون في العام. ولدى انتهاء البناء سيتعرض 90 ألف فلسطيني لترك منازلهم والانتقال الى مناطق أخرى. هذا الكتاب الجميل والأليم، الذي أعدته ووثقته مجلة «تاريخ العرب والعالم» في بيروت، يستحق أن يقرأ بالعربية وبلغات أخرى، لذلك سيكون من المفيد لو تبرعت مؤسسات عربية كريمة وخيّرة، تدعم الحق وتدافع عن الإنسان، بتكاليف ترجمته إلى لغة أو لغات أجنبية، ليباع بثمن زهيد يسمح باقتنائه وفهم قضيته.