محمد برادة: حاولت المزاوجة بين حرية الإبداع وتخليصه من الالتزام القسري

TT

كنت ضمن مؤسسي الاتحاد. تصورناه ان يكون منبرا لكل الاصوات والاتجاهات ليتمكن المغرب الحديث من اجتياز المخاضات وبلورة معالم جديدة. وكان السياق العام يتميز ببداية الصراع بين قوى التغيير عقب الاستقلال وقوى السلطة المجارية للمعارضة وللإصلاحات الجذرية. وكانت الجزائر لا تزال مستعمرة، فاتخذ تأسيس الاتحاد أبعادا مغاربية، اذ سميناه اتحاد كتاب المغرب العربي. وفي عام 1963 حدث خلاف داخل المكتب المركزي، لان الرئيس الراحل محمد عزيز الحبابي اخذ يغازل الحكم ويقلص من استقلالية المنظمة، فانسحبت انا والأخوان عبد الجبار السحيمي، والعربي المساري، فاستمر الحبابي وحده بدون شرعية المؤتمرات، فقررنا سنة 1968 الدعوة الى المؤتمر الثاني وأسفر عن انتخاب عبد الكريم غلاب رئيسا.

عندما انتخبت رئيسا للاتحاد عام 1977 وجدت انا وزملائي ان المنظمة بحاجة الى تغيير طرائق العمل والانفتاح على الاقلام الجديدة (جيل السبعينيات) ومد الجسور مع الكتاب العرب، واستفدنا من كون الثقافة المغربية والابداع كانت في تنام ملحوظ وحيوية لافتة وهذا ما جعلنا نفكر في تنظيم ندوة الرواية العربية الاولى بفاس عام 1979، ثم ندوة القصة العربية القصيرة بمكناس عام 1981، وحرصنا على حضور مؤتمرات الادباء العرب لنسمع صوتنا المغاير باعتبار اتحاد كتاب المغرب منظمة مستقلة وحريصة على النقد البناء.

ومن ثم، أعتقد ان تجربتي في الاتحاد اعطت الفرصة لأجيال الشباب وحاولت الانفتاح على الساحة الثقافية المغربية من خلال تنظيم ندوات في موضوعات كانت تشغل بال الراي العام مثل قضايا التعريب والثقافة الشعبية وتقويم حصيلة 20 سنة من الانتاجات الأدبية والفكرية والتاريخية. باختصار حاولت مع زملائي ان نزاوج بين بعدين: توفير شروط الحرية للإبداع الأدبي وتخليصه من الالتزام القسري، ثم مد الجسور مع بقية الانتاجات الثقافية الاخرى لكي يشكل الحوار الثقافي شروطه اللازمة. وبالنسبة لأمنيتي المستقبلية، أرى ان على اتحاد الكتاب ان يراعي التحولات التي طرأت في المغرب وعلى الساحة العربية في العقد الاخير والمتمثلة اساسا في اهتزاز الانظمة المتسلطة واهتزاز وصاية الحكم الفردي وتكاثر وسائل التعبير المختلفة. وهذا ما يدعونا الى ان نحافظ على الاتحاد بوصفه منبرا للحوار، أولا بين الأدباء انفسهم والمفكرين، وثانيا الحوار مع الدوائر الرسمية لتحقيق منجزات تحمي الإنتاج الثقافي والأدبي بالمغرب. وأظن ان التحولات التي عرفها المغرب وبالأخص منذ نهاية التسعينيات تجعل الباب مفتوحا ليتحمل كل مبدع ومفكر وكاتب مسؤوليته في الدفاع عن حقوق المواطن المغربي، وعن الديمقراطية التي ليست مجرد شعار بل عملا متواصل ويقظة نقدية دائمة.