«يا رفيع التاج» لعبد الوهاب أول أغنية تبثها الإذاعة السعودية

40 عاما من عمر التلفزيون السعودي

TT

يتتبع الإعلامي السعودي الدكتور محمد أحمد صبيحي في كتابه «تلفزيون المملكة العربية السعودية.. النشأة والتطور»، مراحل حياة التلفزيون وتطوره في المملكة العربية السعودية خلال أربعين عاما، منذ تأسيس الإذاعة السعودية التي بدأت بالبث المباشر لأول مرة عام 1949 من مدينة جدة. وألقى يومها الملك فيصل رسالة عبر الإذاعة، يهنئ فيها حجاج بيت الله الحرام على أداء مناسك الحج. في الفصل الأول يتتبع المؤلف نشأة الإذاعة السعودية التي سبقت التلفزيون وتحولاتها، ذاكراً أن أول من أشار إلى أهمية الإذاعة هو الأمير ـ الملك بعد ذلك ـ سعود بن عبد العزيز، عندما عرض الأمر على والده الملك عبد العزيز آل سعود. وبعد انطلاقها عام 1949، كانت برامجها لا تتعدى إذاعة تراتيل القرآن الكريم، إلى جانب بعض الأحاديث النبوية، ونشرة الأخبار وبعض الأناشيد أحيانا، وكانت حينها تبث في الفترة المسائية ولمدة ساعة واحدة، ثم أضيفت لها الفترة الصباحية، حتى امتدت ساعات الإرسال. ثم بدأت بزيادة برامجها المذاعة، وأضافت لقائمتها الشعر وبرامج الأطفال والرياضة والصحة، وغير ذلك من برامج متنوعة قدمها عرب وسعوديون.

أما الغناء فلم يبدأ بثه إلا في عام 1955، وكانت أول أغنية تذاع منها هي أغنية محمد عبد الوهاب «يا رفيع التاج»، إثر عودة الملك سعود من زيارة كان قد قام بها إلى مصر. ثم تحدث الصبيحي في بقية فصول الكتاب عن نشأة التلفزيون السعودي وبدايته التي انطلقت عام 1965، وتزامن بثه مع فصل الصيف. ويقول المؤلف عن ذلك: «والذي لا شك فيه هو أن البث التلفزيوني بدأ في المملكة العربية السعودية وسط ظروف اقتصادية واجتماعية تنموية تحولية، وإن العديد من الظروف حتمت على الحكومة السعودية آنذاك إعطاء الأولوية لإدخال البث التلفزيوني إلى البلاد كوسيلة لإخراج البلاد من عزلتها». وقد ساعدت فترة الطفرة الاقتصادية التي مرّت بها المملكة حينها، بالتوعية بأهداف سياسية واقتصادية واجتماعية من خلال البث التلفزيوني الذي كان من ضمن أولوياتها. وقد كانت البداية الحقيقية هي عندما عزم الملك فيصل، حين كان وليا للعهد، على تعميمه على أنحاء إلى البلاد. وتحدث حينها شخصيا مع السفير الأميركي لدى المملكة، ليبلغه رغبة المملكة في الاستعانة بالحكومة الأميركية وخبراتها من أجل إدخال الخدمة التلفزيونية بشكل متطور للمملكة، وبعدها تم إنشاء محطتين في كل من الرياض وجدة.

ويجد المؤلف أن انطلاق التلفزيون السعودي كان نقطة تحول هائلة لمسيرة التطور في المملكة من مختلف النواحي، وقد وضح أيضا في رصده لنتائج التحول منذ البث التلفزيوني الآثار التي ترتبت عليه اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا، الأمر الذي جعل الحكومة تزيد من تطوير الشبكة التلفزيونية بإنشاء محطات لها في مختلف المناطق لتغذيتها إعلاميا. وتحدث عن مدى التقدم التقني والرؤية الإعلامية اللتين انعكستا في الخطة الخمسية الثانية التي حاولت تحقيق أهداف الدولة التنموية ورفع مستوى الوعي الصحي والعلمي لدى المواطنين، الأمر الذي جعل الحكومة تنفق الكثير من ميزانيتها لأجل تطوير هذه الخدمة في إنشاء المحطات وإبرام الاتفاقيات لتطوير الكوادر البشرية الوطنية القائمة عليها. وقد مرّ البث التلفزيوني بعدة تطورات بعد ذلك من حيث زيادة ساعات البث والتنوع الكيفي للبرامج المقدمة والتحول من البث بالأبيض والأسود إلى البث الملون، حتى تم افتتاح القناة الثانية عام 1983 التي تبث برامجها باللغتين الإنجليزية والفرنسية. ومن ثم تم إنشاء قناتين أخريين، هما القناة الرياضية والقناة الإخبارية التي تعد تطورا متميزا في رصد الأخبار المحلية العالمية.

وقد تتبع المؤلف خطط التنمية الخمسية منذ المرحلة الأولى حتى الخطة الخمسية السابعة، وما تهدف إليه الأجهزة الإعلامية السعودية، ومنها مواجهة الإعلام الغربي السلبي، ومحاولاتها إيجاد البديل من البرامج الهادفة والمتنوعة في مختلف المناحي الدينية والثقافية والصحية والترفيهية الموافقة لسياسة المملكة الإعلامية. كما أشار المـــؤلف إلى ما للإعلام المرئي من أهمية في عصر الفضائيات فيجد«أن الهجمات الشرسة من الإعلام الغربي، تفرض علينا القيام بعمل جماعي موحد، لمواجهة هذه الأخطار بروح العقلانية والتفهم والتكافل والتعاضد والــــتعاون، فنحن ندرك جميعا خطورة الهجمات الإعلامية المغرضة، وما تهدف إليه من طمس لهويتنا والتأثير على قيمنا ومثلنا»، لهذا يجد المؤلف أن من أولويات واجبات الإعلام اليوم أن تواجـه التحديات وتتعامل مع التغييرات التقنية العالية بأسلوب عقلاني ومتفتح.

* تلفزيون المملكة العربية السعودية.. النشأة والتطور

* المؤلف: د. محمد أحمد صبيحي جاء الكتاب في 198 صفحة، واحتوى على تسعة فصول.