الكاتب الفرنسي أرنو تيسي: الماريشال ليوتي خدم المغرب بطريقته الخاصة

كتاب تطرق للحياة الحميمية لمهندس الوجود الفرنسي بالمغرب

TT

قال الكاتب الفرنسي أرنو تيسي لـ«الشرق الأوسط» إن كتابه حول الماريشا هوبيرل ليوتي، الذي يعد مهندس السياسة الاستعمارية الفرنسية بالمغرب يكتسب راهنيته من كونه شخصية ساهمت بشكل كبير في إرساء دعائم المغرب العصري والحوار بين الحضارات والثقافات المختلفة، وكذا الفهم الجيد من أجل الوصول إلى علاقات جيدة وقوية بين الشعوب، مضيفا أن ليوتي رغم تشبثه خصوصا في السنوات الأخيرة من حياته بديانته المسيحية الكاثوليكية إلا أنه كان يحمل في دواخله احتراما كبيرا للديانة الإسلامية وللمسلمين في افريقيا. وذكر تيسي أن أسبابا شخصية دفعته إلى اختيار شخصية الماريشال ليوتي، منها تأثير القصص الكثيرة التي سمعها عنه، وسط عائلته إلى درجة تحول معها إلى أسطورة في ذهنه، مبرزا أن هذا العمل استغرق منه سنوات طويلة من الاشتغال يتتبع الكتاب سيرة ليوتي السابقة على مجيئه إلى المغرب ويرسم دقائق بعض الفصول من حياته الشخصية، مبرزا أن ليوطي لم يكن له أبناء وتزوج في وقت متأخر من أرملة كانت تعمل في الصليب الأحمر، وتأثر كثيرا بتدمير القوات الألمانية، عن قصد، لمنزل كان يقيم فيه بمدينة نانسي الفرنسية يحوي ذكريات غالية على نفسه، مما دفعه إلى إعادة وصف كل شيء كان موجودا بالمنزل في إحدى الكراسات التي كتبها بطريقة مذهلة.

ويتمنى تيسي ترجمة كتابه إلى اللغة العربية في وقت قريب، معتبرا أثناء تقديمه الكتاب اخيرا في الرباط، أن الحديث عن ليوتي في المغرب أمر مؤثر، خصوصا أنه يعرف مكانة هذا البلد لديه، مشيرا إلى أن كل ما يختزنه من ذكريات عن هذه الشخصية الفرنسية هي صورة له موقعة منه، ولقاءات مع بعض أقربائه المتأخرين، وأن ما يهمه هو أن يعرف نظرة المغاربة إلى شخصيته. وعبر عن اعتقاده أنه كان سياسيا وعسكريا كبيرا في خدمة الدولة الفرنسية، لكنه أيضا خدم المغرب بطريقته الخاصة.

وأوضح تيسي أنه خلال التنقيب في الأرشيف اكتشف أن ليوتي كان يكتب كثيرا بعدما استفاد من رحلاته المتعددة، وأن العديد من الفرنسيين انتقدوه، واصفين إياه بالممثل الكبير الذي حول فترة الحماية إلى مسرحية كبرى بسبب تغاضيه عن تطبيق مجموعة من السياسات المطبقة في مناطق أخرى من العالم.

كان الماريشال ليوتي، كما يضيف، رجلا بعيد النظر يؤمن بأن الضابط ليس له دور عسكري فقط، بل إن السياسة هي ما يحدد كل شيء، وأن التدخل العسكري يبقى جزءاً من السياسة. وعندما أصبح ليوطي جنرالا وأرسل إلى المغرب استفاد من جميع التجارب التي تلقاها، مبرزا أنه حتى قبل أن يخضع المغرب لسيطرته العسكرية الكاملة شرع في البناء والتشييد ووضع اللبنات الأولى للتنمية الاقتصادية بفضل بعد نظره ورؤيته الثاقبة للأشياء وفعل كل ذلك في ظروف صعبة جدا بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى، وانخفاض دعم فرنسا لجيوشها في المستعمرات التي لم يبق منها إلا أعداد قليلة.

وربطت ليوتي، علاقات جيدة مع سلطان المغرب انذاك المولى يوسف، وعمل بعد ذلك على تهييئة النخب المغربية بعد الحرب العالمية الأولى، وهو ما أشار إليه في مجموعة من الوثائق التي تركها بعد وفاته.