مدير دار «نفرو المصرية»: من أولياتي إعادة الروابط بين آسيا والعالم العربي

TT

كثيرون هم المبدعون الذين اتجهوا إلى مهنة النشر سواء في مصر أو في العالم العربي. ومن هؤلاء الشاعر محمد الحسيني الذي اصدر من قبل 7 دواوين شعرية منها «ونس» و«عباد الظل» وهناك كتاب آخر ـ قيد النشر ـ بعنوان «غرفة السر» يضم عددا من المقالات حول أعلام مجمع اللغة العربية. المهم أن الحسيني وبعد 15 عاما من الإبداع قرر منذ 3 أشهر أن ينشئ دارا للنشر سماها «نفرو للنشر والتوزيع» أصدرت حتى الآن عددا من الروايات المصرية والمترجمة بالإضافة إلى الدواوين الشعرية والكتب النقدية.. وللتعرف على أسباب اتجاهه إلى صناعة النشر وطموحاته التي يعمل من اجلها في مهنته الجديدة كان معه هذا الحوار:

* ما سبب اتجاهك إلى صناعة النشر رغم متاعبها وخسائرها المادية؟

ـ السبب يكمن في انزعاجي المتكرر مما يحدث في المؤسسة الثقافية المصرية والتي ما زالت تتخبط في نشر عشوائي غير مؤثر ينعكس بالسلب على حركة الإبداع، كما إنني أحاول الهروب أيضا من جشع الناشرين وعدم توصيلهم الكتاب إلى مستحقيه. وقد دفعني ذلك بعد استشارة عدد من الأصدقاء في الساحة الثقافية العربية إلى هذه المغامرة التي أتعشم أن تتلافى الكثير من السلبيات في عملية النشر. وقد أخذت بنصائح أصدقائي وأنشأت دار «نفرو للنشر والتوزيع»، وهي كلمة فرعونية تعني الجمال. أحاول أيضا أن أتلافى عشوائية الأفكار التي باعدت بين المبدع وكتابه وبين المتلقي، هذا إلى جانب بعض الأمور الأخرى مثل الناحية الاقتصادية والإعلامية التي قد تؤدي بشكل خاطئ إلى الترويج دون منهج علمي للمتاح دون أن تتقصى ما يستحق القراءة بشكل فعلي، وهذا كله كان كما قلت وراء هذه المغامرة التي اعتبرها جميلة حتى الآن.

* هل تشعر بمتعة في عالم النشر توازي متعتك كمبدع؟

ـ انا لم اشعر من قبل باحساس تحويل مجموعة من الاوراق المنتظمة او غير المنتظمة الى عمل أضعه بين يدي القارئ في صورة كتاب، لكن الآن وبعد ان قطعت عدة اشهر في النشر اشعر بسعادة كبيرة تحقق لي نوعا من الامتلاء وتعوضني عن الجانب المادي الذي قد يصل الى حد تحقيق خسائر قاسية لا نقدر على تحملها خصوصا ونحن في بداية العمل، لكن ذلك لا يؤثر في متعتي وفرحي بالكتاب الذي نصدره في الدار.

* ما هي المرحلة التي تلي ذلك حتى تحقق للكتاب الرواج المطلوب؟

ـ بعد صدور الكتاب اقوم بوضعه والتنويه عنه على موقع الدار في شبكة الانترنت، كما اننا نتابع ما ينشر بشأنه من متابعات نقدية حتى لو تباينت ردود الفعل حوله، وانا اهدف من وراء ذلك إلى وضع القارئ والمبدع والدار في محاولة حقيقية لتعديل الاخطاء وتلافي السلبيات، وهذه المتابعات نلحقها بالقسم الخاص بالكتاب على الموقع ايضا، وانا هنا احاول ان اجعل عناصر النشر الثلاثة: الدار والمبدع والمتلقي امام قيمة مهمة وهي ان نكون ديمقراطيين في تلقي الاعمال والتعامل معها وان نستفيد من الاخطاء التي وقعنا فيها.

* لكن ما هي الفلسفة أو المعايير التي تحكم اختياراتك للاعمال التي تقوم «نفرو» بإصدارها؟

ـ انا اولا لا انشر عملا لا اقرأه، سواء جاء هذا العمل بتوصية من المبدعين والمثقفين او من النقاد من محبي الدار، او جاء من المبدع نفسه، ولا اخفيك سرا عندما اقول لك انني رفضت الكثير من الاعمال. وكان رفضي هذا انطلاقا من رغبتي الدائمة ان تكون اصدارات الدار ذات قيمة ابداعية حقيقية. وآمل في القريب العاجل ان تتحول «نفرو» الى مؤسسة ثقافية لها مستشارون وهذا ليس في مقدوري أن أوفره الآن لكنني سوف أحاول في المستقبل.

* معنى ذلك انك تعمل الآن بلا معاونين في الدار؟

ـ يوجد لدي رصيدي من صداقات وعلاقات على مدى 25 عاما من العمل الثقافي، ولاني امتلك هذه الخبرة اعرف من يكذبون ومن يفتعلون الكتابة ومن يصدقون أيضا ومن يقولون لك نصف الحقيقة. ومن يقولون الحقيقة كاملة هم الذين استعين بهم في النشر، وفي اختيار بعض ما أقوم بإصداره في الدار الوليدة. عندي مستشارون يعملون معي بشكل ودي بعيدا عن المسألة الرسمية، وقد ساعدني هؤلاء الأصدقاء في إصدار كتب إبداعية ونقدية مشرفة مثل «طفل الفجر» رواية جوتاما شوبرا وهي رواية هندية ترجمتها الشاعرة ظبية خميس وهناك كتاب «دراما اللوحة» وهو كتاب في الفن التشكيلي للناقد والفنان التشكيلي الدكتور مصطفى يحيى وهناك كتاب «غرفة السر» وهو جزء من موسوعة من ست أجزاء قررت إصدارها حول أعلام مجمع اللغة العربية، هذا بالإضافة الى كتاب «مقابر بني حسن» تأليف الدكتور سيد القماش ورواية شنغهاي بييي ترجمتها أيضا الإماراتية ظبية خميس. أصدرنا أيضا مجموعات قصصية مثل «رائحة المطر» لمنى سعيد و«لينا والبرتقال» لسليمان نزال و«صاحب القلنسوة» لحياة الحضري، وهناك أعمال أخرى ما زالت موضع الدراسة وقيد النشر.

* واضح من إصدارات الدار أنكم تهتمون بالكتب الإبداعية والنقدية فقط؟

ـ نحن نهتم بنشر الكتب والأعمال التي تدور حول نظرية الأدب والفلسفة والسينما والمسرح، ونحن نطمح بالفعل في تحقيق مكاسب للدار في هذا المجال، لذا نبحث عن الإبداع الحقيقي الذي يحقق لنا ميزة بين دور النشر المصرية. واعتقد أن هناك ظلما بينا لهذه الأعمال.

* لكن ما سر اهتمامكم بنشر بعض الروايات من الهند والصين دون إبداعات الغرب؟

ـ فرض الغرب علينا وجوده الثقافي تحت تأثير انه الأقوى، وفقدنا منطقة هامة قريبة الشبه من روحنا قبل انتمائها إلى عقولنا، وأنا أرى أن المستقبل الإبداعي سوف يأتي من آسيا بدولها التي قطعت شوطا كبيرا في مجالات الإبداع المختلفة، كما ان لديهم حضارات تقترب في اعمارها من اعمار حضاراتنا. وأنا اعتقد أن الاقتراب من إبداعات هؤلاء سوف يجعلنا نقترب من ذواتنا ونستعيدها من اجل أن تدب فينا الحياة مرة أخرى.

* لكن كيف يمكنك في «نفرو» تحقيق ذلك؟

ـ هناك محاولات من بعض الكتاب الحقيقيين لاعادة الروابط بين آسيا والعالم العربي. وعلى سبيل المثال ما قامت به جماعة هونج كونج الشعرية التي جاءت إلى القاهرة بعيدا عن أي وجود رسمي وتوقفت في اتيليه القاهرة للتعرف على المبدعين المصريين. وهناك محاولة للتآخي بين دار نفرو وبين إحدى الدور الهندية من اجل تبادل الترجمات، هذا بالإضافة إلى جهود فردية يقوم بها بعض مبدعينا ممن يجيدون اكثر من لغة تركز على ترجمة ما تيسر من إبداعات الكتاب أبناء القارة الآسيوية. لكني أقول لك ان هذا الهدف لن تستطيع أن تقوم به دار بمفردها، انه يحتاج إلى جهد منظم ومؤسسات عديدة.

* وماذا عن توزيع الكتب.. هل تتعاملون مع مؤسسات خاصة للقيام بهذه المهمة؟

ـ لدينا مجموعة من الموزعين داخل مصر وخارجها، ومن هذه المؤسسات دار طيبة التي تتولى التوزيع الخارجي لاصدارتنا، كما ان لدينا اتفاقات لعرض كتبنا في بعض المؤسسات الخاصة ودور النشر التي تملك منافذ لتوزيع الكتب ومنها مؤسسة روز اليوسف، كما إننا كما أشرت من قبل نضع إشارات حول إصداراتنا على موقع نفرو بشبكة الإنترنت واعتقد أن هذه الوسيلة سوف توفر لنا أسلوبا واسعا للدعاية لما تصدره الدار من كتب.