لوكربي.. إدانة خاطئة وخديعة لعائلات الضحايا

كاتبان أميركان يتساءلان إن كانت «سي آي ايه» شريكة في تفجير طائرة «بان أميركان»

TT

في 21 ديسمبر (كانون الاول) عام 1988تفجرت طائرة «بان اميركان» اثناء رحلتها رقم 103التي كانت متجهة من مطار هيثرو بلندن الى ديترويت فوق مدينة لوكربي الاسكوتلندية، وقضى جميع المسافرين وطاقم الطائرة نحبهم على الفور، علاوة على 11 شخصاً كانوا على الارض.

وقبل بضعة اشهر من هذا الحادث، فتحت حاملة الطائرات الاميركية «فنسينت» نيرانها على طائرة ركاب ايرانية في منطقة الخليج واسقطتها مما تسبب في مصرع 290 شخصا. ولم ترفض ادارة الرئيس الاميركي رونالد ريغان الاعتذار للايرانيين عن الحادث فحسب ، بل منحت الاوسمة والنياشين لطاقم حاملة الطائرات تلك.

وسرعان ما ربط بين حادث تفجير لوكربي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة التي أتهمت بأنها نفذته لصالح الحكومة الايرانية في رد انتقامي من الاميركيين.

وقبل اسابيع من حادثة لوكربي، قبضت الشرطة الالمانية على خلية ارهابية فلسطينية وعثرت في الشقة التي تستخدمها على معدات تركيب قنابل داخل مسجلات وراديوهات من ماركة «توشيبا». ولسوء الحظ، لم يقبض على كل القنابل الباروميترية المصممة بشكل يمكن اشعال صاعقها من بعد وهي تحلق في الجو (استخدمت واحدة منها في تفجير طائرة بان ام). علاوة على ذلك، تمكن ارهابي مهم من الفرار.

وبحلول عام 1990 جرى الكشف عن خفايا هذه الجريمة، غير ان الخلفية السياسية في ذلك الوقت تغيرت بسبب الاجتياح العراقي للكويت. واصبحت الولايات المتحدة بحاجة الآن الى محاكمة دول مثل سورية وايران، واقترن هذا السبب مع جملة اسباب اخرى لترويج نظرية بديلة، اذ اجريت تحقيقات رفيعة المستوى حول لوكربي كشفت عن ان الرحلة رقم 103حلقت ولم تكن مقاعدها ممتلئة بالكامل، وهو امر لافت للنظر، إذ من الصعب عادة الحصول على مقعد في رحلة تقطع جانبي الاطلسي في مثل هذا الوقت من العام.

فضلا على ذلك، فان الاستخبارات الاميركية (سي اي ايه) كانت تسهل عمليات تهريب المخدرات من لبنان الى الولايات المتحدة (مقابل مساعدتها في مفاوضات اطلاق رهائن اميركيين) ويبدو ان من زرع القنبلة على متن طائرة بان ام استفاد من هذا الغطاء الآمن.

كما كان من بين المسافرين المشؤومين الرائد الاميركي تشارلز مكي وهو متخصص في الاستخبارات كان في طريقه الى واشنطن ليقدم تقريرا حول عمليات «سي اي ايه» في تهريب المخدرات الى اعلى السلطات الاميركية. فهل كانت «سي اي ايه» تعلم سلفا بعملية التفجير قبل وقوعها؟ وهل «سي اي ايه» شريكة في جريمة تفجير الطائرة؟

هكذا اصبح هدف التحقيقات عدم الكشف عما حدث، فالاسهل من ذلك القاء اللوم ببساطة على الليبيين. وفي العام الماضي، طرحت قضية الليبيين عبد الباسط المقرحي والامين خليفة فحيمة على محكمة اسكوتلندية في قاعدة كامب زيست الكائنة في هولندا. وربما كان القذافي عارفا بنزوات اجراءات النظام الجنائي البريطاني، بيد انه قطعا ما كان سيقبل بمستوى الضعف الذي ابدته تلك الاجراءات.

وربما كان منتظرا عدم الاعتماد الا على المختصين الاشهر في الطب الشرعي، غير ان المحكمة في الواقع اعتمدت على خدمات ثلاثة رجال يعتري المؤهلات التي يحملونها قدر من الشك. وكانت الادلة التي قدمها الدكتور توماس هايز في محاكمات سابقة قد ساهمت في صدور احكام بادانة العديد من الابرياء، كما ان التحقيق العام الذي اجراه السير جون ماي ادان العاملين في المختبر لانهم «قدموا صورة خاطئة ومشوهة للمحلفين»، وكان هايز قد استقال ليعمل معالجا للاقدام البشرية. اما الين فيرداي الذي تنحصر كل مؤهلاته في شهادة عليا في الفيزياء التطبيقية والالكترونيات نالها عام 1962 فوجهت له انتقادات من جانب كبير قضاة عام 1996 خلال قضية تفجير اخرى.

وهناك الاميركي توم ثيرمان الذي انتقده تقرير لوزارة العدل الاميركية بسبب «التعديلات والتبديلات التي يجريها بشكل روتيني على تقارير وحدة المتفجرات التابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالية (اف بي آي)» بشكل يجعل خلاصاتها، وإن بشكل غير متعمد، لصالح قضية الادعاء.

وفي مطلع هذا العام برئ فهيمة وأدين المقرحي باعتباره الشخص الذي وضع القنبلة في مالطا على متن طائرة بضائع. وفضلا عن عدم توفر دليل على وضع القنبلة في مالطا، فان شركة الطيران المالطية كسبت قضية رفعتها عام 1993 تؤكد ان اي قنبلة لم توضع على متن طائراتها. وهكذا انتهت هذه القضية بحكم خاطئ بحق المقرحي وبخديعة عائلات الضحايا، وهذا ما يقوله هذا الكتاب الجديد.