أزمات المغرب العربي في كتاب فرنسي

مقاربات سياسية واجتماعية وثقافية للأزمات الاجتماعية في ثلاثة بلدان

TT

تتجلى الأهمية المبدئية لكتاب «الانتفاضات والحركات الاجتماعية في المغرب» الصادر حديثا عن دار كارتالا ومعهد أوروبا ـ المغرب التابع لجامعة باريس 8 (فانسان) في معالجته للمشكلة البربرية في الجزائر في سياق أزمة عامة تعصف بالبلد على أكثر من صعيد.

وصدر الكتاب في إطار سلسلة «رجال ومجتمعات» التي يشرف عليها جان كوبانس. وعولجت المشكلة البربرية الجزائرية في الكتاب من المنظور السياسي والاجتماعي والاقتصادي نفسه، الذي تم من خلاله تناول أزمات أخرى عرفتها تونس والمغرب في عامي 1978 (الخميس الأسود) و1965، والجزائر (احداث أكتوبر (تشرين الأول) 1988)، وما سمي بـ «الربيع البربري» عام 1980. وضم الكتاب مقالات ودراسات لمجموعة كبيرة من الباحثين الفرنسيين والمغاربة المتخصصين في الحركات الاجتماعية بوجه عام، وقاد عملهم الدكتور ديدييه لوساووت المتخصص في العلوم الاجتماعية والسياسية وصاحب كتاب «الديمقراطيات الحديثة تحت المحك»، ومرغريت رولاند المنسقة العلمية في معهد «المغرب ـ أوروبا» والباحثة في الحركات الاجتماعية في المغرب.

انطلق الباحثون في هذا الكتاب من اشكالية تمثل مزيجاً من المقاربات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتداخلة الكفيلة بتفسير الاضطرابات المتعددة والمتكاملة الخلفيات والابعاد، و«يؤدي التقاطع الحتمي بين المقاربات المذكورة إلى الربط مثلا بين نتائج برامج التصويب البنيوي والجفاف والنزوح الريفي وعوامل نضج التناقضات التي تعيشها المجتمعات المغاربية وانعكاسات نقص التمثيل السياسي أو تفاقم الأزمة السياسية وتبخر امال المواطنين في إرساء دعائم العدل الاجتماعي». المقاربات المتقاطعة تؤدي بالضرورة إلى تساؤلات تساعد على فهم أنواع الاضطرابات الحضرية نتيجة التحولات الاجتماعية وتناقضاتها والتسييج المؤسساتي والبوليسي والسياسي قبل وبعد وخلال تبلور الحركات الاجتماعية (كما حدث في أكثر من بلد مغاربي وفي الجزائر خلال الفترة الأخيرة الماضية). من جهة أخرى، يتساءل الدارسون للمقاربات المتقاطعة عن هوية المتظاهرين والمعبرين عن تهميش مفترض أو تحت وطأة تلقائية ناتجة عن تنامي الضغط.

ويمكن حسب ديدييه لوساووت ومرغريت رولاند: «شرح الحركات الاجتماعية المغاربية الناتجة عن عوامل هيكلية وأخرى ظرفية على المديين القصير والطويل». وفي تقديرهما أن هذه الانتفاضات يمكن أن تتحول إلى حركات اجتماعية تفرض تغيرا حاسما كما هو الشأن في بلدان غير مغاربية. جاءت الدراسات التي تضمنها الكتاب في أربعة فصول متوازنة، تناولت الحركات الاجتماعية الشبابية وبروز نخبة سياسية مغربية في الستينات والسبعينات.

ومن المواضيع التي كتب عنها الباحثون «نظام الدولة والفوضى الاجتماعية» (رونيه غاليسو)، و«الانتفاضات بين التهميش والظلم» (ديدييه لوساووت)، و«الحركات الاجتماعية والحركة الوطنية في المغرب» (مصطفى بوعزيز)، و«النخب البارزة والتعبئة الجماهيرية» (الصادق بن خدة)، و«الانتفاضات في تونس» (مرغريت رولاند)، وغيرها.