الحرب في أفغانستان.. هل تنهي أزمة كشمير بين الهند وباكستان؟

TT

لا بد ان قضية كشمير ستلقي بظلالها من قريب أكثر من بعيد على الحرب الدائرة حاليا في افغانستان، فليس من المستبعد ان تكون واحدة من القضايا التي طرحت لانضمام باكستان الى الحملة ضد جارتها مع اميركا وبريطانيا، وقد تكون كشمير مؤهلة لأي تسوية بين البلدين النوويين في المنطقة بعد ان تنتهي تلك الحرب الى مخططها المرسوم.

ومهما يكن فإن كتاب «الصراع على كشمير في العلاقات الهندية ـ الباكستانية» الذي صدر أخيرا عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية للمؤلف بغداد سيدي محمد، يبلور حقيقة الصراع في المنطقة منذ استقلال الهند وباكستان عن بريطانيا وانفصالهما عن بعضهما في عام 1947. وكما يحدث مع أي استعمار فقد تركت بريطانيا مشكلة بين الجارين اشعلت الرغبة بينهما في التسلح كما غذت شعور «الثأر الباكستاني» للطريقة التي سيطرت بها الهند على كشمير.

يأخذنا هذا الكتاب الذي يقع في اكثر من 130 صفحة، عبر منعرجات هذه القضية ابتداء من الوضع الداخلي لكل من البلدين الى النزاع المسلح بينهما على المنطقة، مرورا بتوضيح خريطة كشمير الكبرى، الى بداية المقاومة المسلحة فيها. ويذكر الكاتب ان الانتفاضة بدأت في عام 1987 على الرغم من تعرض العناصر الوطنية في كشمير الى التدمير وبعد ان اعيتهم الوعود باجراء استفتاء لاعطائهم حق تقرير المصير، وما أعقب ذلك من تقنين للحكم الذاتي من طرف الحكومة الهندية. وقد كان منحها ذلك الحكم مجرد تهدئة بعد انضمام كشمير الى الهند.

ويطرح بغداد سيدي محمد سؤالا: الى أين تتجه مشكلة الشعب الكشميري الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 12 مليون نسمة؟ فالهند تعتبر كشمير جزءا من اراضيها في حين ترى الهند ان بنود التقسيم منحت كشمير كلها الى باكستان، بينما يرى احد زعماء الحزب الاشتراكي الهندي ان «كشمير قضية معنوية وسياسية، وليست نزاعا حول الصفات التقنية القانونية... ولن تسوى مطلقا بكسب نقاط مناقشة غير مصحوبة بعمل استرضائي قد يكون ناقص الوطنية». وهكذا نرى ان القضية تتجاوز المصلحة الخاصة، وحلها سينبع من صداقة وثقة بين الهند وباكستان، ولعل هذا ما حاوله زعماء الدولتين اثناء عهد الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون.

لكن الاعتبارات الاقتصادية والاستراتيجية كانت وراء الابتعاد عن اتمام تلك المهمة. فأميركا كانت «تلهث» وراء السوق الهندية الضخمة ومواردها الاقتصادية، وان الهند هي الدولة الوحيدة التي يمكنها ان تقف أمام الصين وتزاحمها جغرافياً وبشرياً واقتصادياً. لكن «اميركا ليست مستعدة للتفريط في حليفها القديم باكستان.. لقد ألغت الخريطة السياسية الجديدة.. خطر الجيش الأحمر بعد تفكك الاتحاد السوفياتي الذي اسهمت فيه باكستان بشكل كبير عبر الجهاد الافغاني، وجعل باكستان على غير تلك الاهمية التي كانت تعلق عليها بالأمس».

وهكذا فإن اميركا لجأت إلى دعوة البلدين للتفاوض والحوار... ويرى الكاتب ان على اميركا اعادة النظر في سياستها تجاه المنطقة، الشيء الذي قد تحققه في صورة أو أخرى الحرب الافغانية.

الصراع على كشمير المؤلف: بغداد سيدي محمد الناشر: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية