كن واقعياً واطلب المستحيل

TT

«كن واقعياً واطلب المستحيل». هذا النداء المشهور لحركات الطلاب في الستينيات من القرن الماضي يوجهه أبرز العلماء والباحثين العرب إلى ندوة المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا التي تبدأ اليوم في الشارقة. بعض هؤلاء العلماء نال جوائز نوبل وأصبح عضواً في أرقى الأكاديميات العالمية، وبعضهم يقود مؤسسات ومراكز وشركات تعمل في العلوم والتكنولوجيا داخل العالم العربي وخارجه. إلياس خوري الحائز جائزة نوبل في الكيمياء عام 1990 قال لوفد المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا الذي اجتمع به في مكتبه في جامعة هارفرد في الولايات المتحدة «عليكم أن تلعبوا دور الرافعة.. كل دولار توظفوه ينبغي أن يقوم بعمل عشرة دولارات». أحمد زويل الذي نال جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999 قال خلال لقائه بقادة المؤسسة في العاصمة السعودية الرياض: «المجتمع العلمي العربي لا يفتقر إلى القيادة والرؤية على المستوى العالمي.. وممكن تماماً اجتذاب الموارد لدعم المشاريع العلمية العربية وتعبئة الرأي العام العربي حولها». وعالم الفضاء مصطفى شاهين الذي ينطلق قمره خلال أيام من قاعدة فايندبرغ في كاليفورنيا قال في اجتماعه بوفد المؤسسة في العاصمة الأميركية واشنطن: «ينبغي أن تجلب أبحاثنا العلمية الثروة للناس والفائدة للمجتمع، وأن نعمل على إنشاء أسواق لمنتجاتنا العلمية، ونشجع الصناعة على تقديم مطاليب علمية، ونفكر دائماً بالمستفيدين من مشاريع البحث والتطوير التي نقوم بها». وعالم الكيمياء صالح الوكيل الذي أحدث ثورة في الطب يأتي إلى الندوة حاملاً معه اكتشافه للجين الذي يمنع تراكم الدهون في الجسم ويقدم مفتاح علاج السمنة والقلب والسكري التي تقضي على حياة ملايين الناس.

وعرفت المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا منذ مولدها أنها نتاج هذا المجتمع العلمي العربي، وأن عليها أن تفعل المستحيل الذي يريده منها العلماء العرب فعله. أنشئت المؤسسة بقرار من نحو 400 عالم اجتمعوا في جامعة الشارقة بدعوة من الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة وعضو المجلس الأعلى في دولة الإمارات العربية المتحدة. وتحولت «ندوة البحث العلمي في العالم العربي وآفاق الألفية الثالثة» التي عقدت في أبريل (نيسان) 2000 إلى اجتماع تأسيسي تم خلاله اختيار رئيس وأعضاء أول مجلس إدارة للمؤسسة وهيأتها الاستشارية. وسرعان ما صدر مرسوم أميري في إمارة الشارقة يقر باستقلالية المؤسسة كهيئة عربية غير حكومية وغير ربحية.

وحددت الوثائق التأسيسية هدف المؤسسة في العمل على تشخيص ودعم النشاطات والبحوث العلمية المتميزة التي يقوم بها نساء ورجال العلم من العالم العربي، والسعي الى القيام بدور الوسيط بين منتجي البحوث ومطوريها ومموليها والمستفيدين منها، والدفاع عن مصالح العالم العربي في التقدم العلمي والتكنولوجي. وأكدت الوثائق على تعهد المؤسسة بالتعاون والتنسيق في كافة أعمالها مع الجامعات ومراكز البحث العلمي والاتحادات العلمية داخل وخارج العالم العربي، والمساهمة في تطوير التوجهات الجديدة لمجتمعات الأعمال والعلم في العمل من خلال الشبكات والشراكات والتحالفات والمشاريع متعددة الأطراف على الأصعدة المحلية والأقليمية والدولية. وتلتزم المؤسسة في جميع نشاطاتها شروط تقييم الجدارة العلمية المتعارف عليها في الدول الصناعية المتقدمة، وتراعي المبادئ الانسانية للعلوم المنصوص عليها في وثائق منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) UNESCO والمجلس الدولي للاتحادات العلمية ICSU.

و«الأمور ببداياتها» كما يقول المثل العربي. ففي الشهر السادس من عمرها عقدت المؤسسة أول ملتقى لها حضره نحو 50 من العلماء وقادة المجتمع العلمي العربي، بينهم مسؤولو ورؤساء «مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية» و«مؤسسة الكويت للتقدم العلمي» و«المجلس الوطني للبحث العلمي» في لبنان، و«أكاديمية العالم الثالث للعلوم» و«المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين». ويمكن التعرف على وزن ونوعية «ندوة البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في العالم العربي» التي تعقد خلال الفترة من 24 ـ 27 من الشهر الحالي من المشاركين فيها، أعضاء في أكاديميات العلوم العالية، ومكتشفون فتحوا آفاقاً علمية جديدة ونالوا أرفع الجوائز العربية والعالمية، ووزراء أكاديميون، وباحثون يحتلون كراسي الأستاذية ويرأسون مختبرات وأقسام علمية في أرقى الجامعات في العالم، ورؤساء مؤسسات وشركات تعمل في ميدان البحث العلمي والتطوير التكنولوجي.

وقد ساهم المجتمع العلمي العربي مباشرة في الإعداد للندوة القادمة خلال اجتماعات ولقاءات عقدت في أروقة ومختبرات ومزارع جامعات عالمية بينها: هارفرد، وكولومبيا، وبوسطن، وإيلينوي، وريس، وواترلو، وكيمبردج، ولندن، وباريس، وجامعات عربية: الملك سعود في الرياض، والملك فهد للبترول والمعادن في الظهران، وجامعة سيدي محمد في فاس، وجامعة عين شمس في القاهرة و«الجامعة الأميركية» في الشارقة، وجامعة الشارقة.

بعض اللقاءات العامة بادر لعقدها علماء عرب شباب، كاللقاء في معهد ماسشوستس للتكنولوجيا «إم آي تي»MIT الذي ساهم في عقده طلاب الدراسات العليا والباحثون الشباب في «إم آي تي» وجامعة هارفرد. وعقدت اجتماعات عدة بمبادرات من الوسط الأكاديمي، كالاجتماع في مركز الدراسات العربية المعاصرة في جامعات «جورج تاون» في العاصمة الأميركية واشنطن، وكولومبيا في نيويورك، وجامعة واترلو في كندا. وعقدت لقاءات حول الندوة بدعوة من منظمات واتحادات عربية في الخارج، كندوة العلماء ورجال الأعمال العاملين في العلوم والتكنولوجيا التي عقدها المنتدى الإسلامي للعلوم والتكنولوجيا في واشنطن. وجرى النقاش حول المساهمات العملية في مشاريع البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في اجتماعات خاصة عقدت في المختبرات ومراكز البحوث، كالاجتماع في مركز «تي جي واطسن TJ Watson Research Center، وهو مركز البحوث الرئيسي لشركة صناعات الكومبيوتر «آي بي إم» IBM في ولاية نيويورك، واجتماعات في مختبرات كلية الكيمياء وكلية البيولوجي في جامعة هارفرد، ومركز الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن، وكلية الفيزياء في جامعة إيلينوي. ونوقشت مشاريع بوابة العلوم والتكنولوجيا العربية والمركز الافتراضي العربي للبحث العلمي في مختبرات شركات عاملة في العلوم والتكنولوجيا يقودها مهندسون وباحثون عرب كشركة «أبتيك» AppTek في واشنطن العاصمة وشركة «نوليج فيو» View Knowledge في لندن.