د. سعاد الصباح : الكسب المادي آخر همومنا في دار سعاد الصباح للنشر

TT

لم نتعامل ابدا مع السوق وفق الرغبات السائدة لأننا نعتبر ان من اساسيات مهمة الناشر هي التوعية والتنوير وليس التوجه وفق رغبات القراء. ونحن لا نتخذ هذا الموقف لنتباعد والقارئ ولكن لأن دورنا يحتم علينا التحكم بعملية النشر وفق قواعد قوامها تقديم ما نظن انه الأفضل لبناء شخصية الإنسان العربي وزيادة الكم الثقافي في مسيرته، ولو كنا اتبعنا البوصلة الرائجة هذه الأيام لكان دورنا مجرد دور المتلقي الذي يستجيب لما يريده القاريء طمعا في كسب مادي متمثل بالمبيعات، وهي آخر همومنا في دار سعاد الصباح للنشر.

في بدايات عملنا كان الابداع الشعري والروائي يحظى بالاهتمام الأول، ولكن الدراسات العلمية والنقدية هي التي تهمنا اليوم أكثر من سواها من عناوين الإبداع. ونلاحظ من حركة الإقبال في معارض الكتاب ان غالبية المهتمين باصداراتنا هم من جيل الشباب والجيل الوسيط (الاربعيني)، واعتقد ان السبب في ذلك يعود الى أننا مهتمون بنشر ابداعات الجيل الجديد بشكل مكثف واختيار عناوين لمواهب جديدة لم يسبق لها ان عرفت الطريق الى عالم النشر.

ان اختيار النص المرشح للطباعة تقرره جودة هذا النص وجديته والاهتمام بطرحه جديدا في الخلق الابداعي، والنص هو الأساس في الاختيار، وأحسب ان ذلك هو الطريق الأسلم لتقديم عمل ثقافي مفيد. وجدول الكتاب الذين تعاملت معهم الدار حتى اليوم تراوح بين أسماء لمبدعين كبار وأسماء لمبدعين جدد لم يسمع بهم سوى القليل من القراء. الحقيقة ان عدد اصدارات الدار السنوي في تراجع خلال العامين الماضيين، وذلك لأن سوق الكتاب العربي مصابة بفقر الدم، واعتقد ان المشكلة الأساسية التي تواجه الكاتب والناشر معا هي في السعي لتجسير هذه الهوة بين القارئ والكتاب، أيا كان المؤلف، لست في حل من مسؤولية نشر الحقائق المتعلقة بمبيعات الكتب لمبدعين مشهورين كانت كتبهم تصدر في طبعات متلاحقة وبعشرات الألوف من النسخ بينما هم اليوم يعانون من كساد الطبعة الأولى، لذلك فان اصدارت الدار متماشية مع حالة هذه السوق الراكدة، وان كنا اصدرنا مجموعة من الكتب الخاصة بتكريم رواد الثقافة العربية الأحياء، ضمن مشروعي المعروف في هذا المضمار الذي كرمت فيه رواد التنوير: عبد العزيز حسين (الكويت)، والشاعر ابراهيم العريض (البحرين)، والشاعر نزار قباني (سورية)، والدكتور ثروت عكاشة (مصر)، والأمير الشاعر عبد الله الفيصل (السعودية)، كما نستعد لتكريم علم من اعلام الثقافة والحرف في المغرب هو الاستاذ عبد الكريم غلاب.

بالاضافة الى ذلك فاننا قدمنا مؤخرا اكثر من ثلاثين عنوانا في مختلف صنوف العلم والدراسة والشعر والرواية، وسوف تصدر عن الدار خلال الشهرين المقبلين عشرة عناوين جديدة في هذه الحقول المعرفية التي تساعد في تنوير القارئ العربي واضاءة صور من تاريخه.