كتب المعارف العامة في المقدمة تليها الإسلامية

حركة مبيعات الكتاب وإنتاجه في السعودية

جانب من معرض الرياض للكتاب
TT

يتفق المعنيون بصناعة وطباعة ونشر الكتاب الخليجي على أن حركة مبيعات كتب الروايات والقصص والكتب المسلية الأخرى بجانب الكتب الإسلامية، تتراوح عموما ما بين 22 في المائة إلى 50 في المائة في فترة الصيف. لكن تزدهر في هذه الفترة، بالمقابل، طباعة الكتب الجامعية والمدرسية، استعدادا للموسم الجديد.

ويعزو أحمد الحمدان رئيس جمعية الناشرين السعوديين ونائب رئيس اتحاد الناشرين العرب هذا التراجع إلى حقيقة أن غالبية الخليجيين يسافرون في الفترة الصيفية عادة إلى خارج بلادهم، هربا من الحرارة الشديدة.

ووفق الحمدان، فإنه تنشط في دول الخليج العربي في هذه الفترة حركة نمو مبيعات كتب القصص والروايات، حيث يزيد الإقبال عليها بخلاف ما عليه الحال في المواسم الأخرى، علما بأن بعض الخليجيين يسافرون في أول الإجازات وآخرين في وسطها وآخرين في نهايتها، حيث يستغل هؤلاء أوقاتهم في قراءة الكتب المسلية كالقصص والروايات، التي تستحوذ على أكثر من 50 في المائة من سوق الكتب في هذه الفترة.

ويعتقد أن خيار الإقبال على هذا النوع من الكتب يعود لمناخ المنطقة، مبينا أن الجو لا يساعد على التعاطي مع غيرها من الكتب الجادة بما فيها الفكرية، في حين أن المؤسسات الجامعية وغيرها من المؤسسات التعليمية تكون في حالة كمون، ويبتعد روادها في الغالب من الكتب الجادة سواء أكانت تعليمية أو فكرية.

وقال رئيس جمعية الناشرين السعوديين: «على العكس، نجد في البلاد التي يتوفر فيها طقس جميل مثل أوروبا وبعض البلاد الغربية الأخرى والآسيوية، ازدهار قراءة الكتب بمختلف أنواعها، بحسب التوجهات لكل قارئ، مما يشجع السائح الخليجي هناك على استغلال بعض وقته لقراءة ما يحمله معه من كتب تناسب مزاجه في هذه الفترة».

أما على صعيد حركة الطباعة، فإن المملكة تشهد، حسب الحمدان، ازدهارا كبيرا في حركة الطباعة، باعتبار أن فترة الصيف موسم استعداد جديد لطباعة كتب الموسم المقبل، إذ تنشط غالبية دور النشر في طباعة كتب المدارس والجامعات.

ويتفق محمد الفريح مدير عام مكتبة «العبيكان» للنشر على أن مبيعات الكتب في موسم الصيف غالبا ما تتسم بركود في مبيعات وإنتاج الكتب بشكل عام، «إلا أن ذلك ليس بالمطلق حتى أكون دقيقا».

وأوضح الفريح أن مبيعات بعض أنواع الكتب تزدهر في موسم الصيف، بينما لا تجد رواجا في فترات السنة الأخرى، وهي كتب ذات طابع عام، أي كتب غير متخصصة، إذا استثنينا الكتب الإسلامية والمصاحف بأنواعها، خاصة في شهر رمضان. وفي تقديره، إن كتب المعارف العامة تشكل ما نسبته 38 في المائة، من إجمالي مبيعات الصيف، تليها الكتب الإسلامية بنسبة 28 في المائة، وبعد ذلك تأتي الروايات والكتب الأدبية بنسبة 22 في المائة، وتتوزع الكتب الأخرى على نسب متفاوتة تصل إلى 12 في المائة.

وأكد عام مكتبة «العبيكان» للنشر أن الأمر نفسه ينطبق تقريبا على الكتب الإلكترونية، مع الاختلاف البسيط في نسب التوزيع، أما بالنسبة لإنتاج الكتب، برأي الفريح، فإنه تنشط خلال فترة الصيف طباعة كتب التعليم العام بجميع تخصصاتها، وكذلك كتب المقررات الجامعية التي نفدت من السوق.

وقال: «فترة الصيف توفر فرصة كبيرة للناشرين والموزعين، لمراجعة وتقييم مستوى مبيعات المقررات الجامعية خلال العام الماضي، ومن ثم الاستعداد للعام الجديد، بتوفير متطلبات الطلاب من المراجع العلمية على مختلف تخصصاتهم».

كذلك تنشط خلال هذه الفترة، والحديث للفريح، «كتب الهدايا» بشكل خاص، والكتب الخاصة بالسفر بشكل عام، حيث يحرص كثير من القراء على اقتناء الكتب للإهداء، وليس للقراءة، مشيرا إلى أنها تتركز غالبا على بعض الكتب الإسلامية المختصة، وكتب الأدب والسير والسير الذاتية، كما يحرص بعض الأشخاص على الحصول على طبعات خاصة كاملة لإهدائها في مناسبات عامة أو خاصة.

من جهته، يرى الكاتب والروائي خالد خضري أن فترة الصيف تعتبر فترة استجمام لا تلائمها إلا الكتب المسلية، بما في ذلك الروايات والقصص، كما أن بعض المؤلفين أنفسهم يبتعدون عن بلادهم في هذه الفترة، لأن المناخ فيها لا يساعد على رسم الأفكار وترتيبها إلا استثناء، وقد يجدون بلدانا أخرى المناخ الملائم للكتابة. وكل ذلك ينعكس سلبا على حركة البيع والإنتاج بالطبع. لكنه يلاحظ من جهة أخرى، أن بعض المؤسسات المعنية بصناعة الكتب ونشر الثقافة، مثل وزارة الثقافة والإعلام والمكتبات العامة، مثل مكتبة الملك عبد العزيز العامة، تحاول في موسم الصيف تنشيط وترويج الكتاب أيا كان نوعه. فهي «على سبيل المثال، تزود بعض المطارات بأعداد كبيرة من الكتب المتنوعة لإتاحة الفرصة للمسافرين للاطلاع والقراءة، وللتعريف أيضا بالكتاب السعودي».

أما الكاتب مشاري بن صالح العفالق مدير عام دار «الكفاح» للنشر والتوزيع، فأوضح أن سوق النشر عالميا سوق موسمية مرتبطة بتقلبات الطلب على مدار العام، مبينا أن فترة الصيف تعد واحدة من أصعب الفترات، إذ إن حركة البيع في المكتبات تكون ضعيفة، بسبب انشغال وسفر كثير من الناس أو انشغالهم بالعروض الصيفية والترفيه، خاصة أن السعوديين والعرب عموما لا يفضلون قراءة الكتب في الرحلات وأثناء ركوب وسائل السفر المختلفة، كما يحدث في الدول الأكثر تقدما.

ولفت إلى أن هذا الانخفاض في حجم المبيعات الصيفية يلقي بظلاله عادة على التدفقات النقدية لدور النشر، نظرا لأن أغلب المكتبات ومحلات بيع الكتب لا تدفع لدور النشر والتوزيع حقوقها في هذه الفترة من العام، التي عادة ما تشهد إغلاق بعض المكتبات، كما يقول.

ويترتب على ذلك، كما يضيف، ضياع حقوق بعض الدور، مما يحتم عليها صرف مبالغ نقدية كبيرة في طباعة وتوريد الكتب لتكون جاهزة لبداية الموسم مع نهاية العطلة الصيفية، مشيرا إلى أن كثيرا من المؤلفين يطلب حقوقه المالية بداية الصيف وقبيل تمتعهم بالعطلة.