صاحب مكتبة «الحكمة»: هناك حلقة مفرغة بين دور النشر والكتاب

حازم السامرائي
TT

تأسست دار الحكمة في عام 1991 بلندن وهي مهتمة بنشر الكتب في اللغة العربية وتوزيعها، وهي تشترك في أغلب المعارض العربية والدولية. وأنا كناشر، على الرغم من أنني أعيش في بلد غير عربي، ينطبق عليه حال الواقع العربي في أغلب الأحيان، لأنني أنشر الكتاب العربي وأتعامل مع الأسواق العربية. وللأسف، ليس كل ما أنشره بلندن يدخل البلاد العربية لأن أغلب هذه البلدان، كما هو معروف، لديها رقابة على المنشورات من الكتب. لكن، كما هو معروف، كل ممنوع مرغوب، ولذلك يبحث القارئ العربي، الذي يزور لندن، عن هذه الكتب الممنوعة. طبعا خفت هذه الأمور بسبب التقدم في وسائل الاتصال والمعلومات والإنترنت حيث يستطيع القارئ أن يقتني ما يشاء من خلالها. والمشكلة الأخرى التي تواجهني، كما تواجه الناشرين الآخرين، داخل وخارج البلدان العربية، هي عدم الإقبال على شراء الكتب العربية. نحن أمة تعدادها أكثر من 400 مليون نسمة، لكن الناس الذين يقرأون قليلون جدا إلى درجة مريعة قياسا بعدد السكان. والجميع يتحمل المسؤولية في ذلك، من البيت إلى المدرسة.

أما أكثر الكتب مبيعا في مكتبة «الحكمة»، فهي الروايات التي يقبل عليها القارئ العربي، المقيم في لندن، وخاصة النساء والشباب، بينما نجد أن قراء الشعر والدراسات الفكرية والتاريخية قليلون جدا. لكن، بالمقبل، يرتاد دار «الحكمة» كثير من البريطانيين والأجانب، المقيمون في لندن وغيرها من المدن البريطانية، المهتمون بالثقافة العربية والإسلامية، الذين يجيدون العربية، وكذلك طلاب الأدب واللغة العربيين.

لكن تبقى المشاركة في المعارض فرصة كبيرة لعرض الكتاب. لقد شاركت وتشارك دار «الحكمة» في معظم المعارض العربية. ونتيجة لهذه الخبرة، أعتبر معرض الرياض الدولي من أهم المعارض العربية، وذلك لكثرة الإقبال عليه من قبل الجمهور وللقدرة الشرائية عند المواطن السعودي، وكذلك لتشجيع الدولة والاهتمام بهذا الصرح الثقافي. مقابل ذلك، نراه في بعض المعارض العربية، إما لانخفاض مستوى الدخل عند المواطن، أو لانعدام الأمن وعدم الاستقرار كما في بلدي العراق في الوضع الراهن. إن الشعب العراقي هو من أكثر الشعوب العربية تعطشا للقراءة. ولكن بسبب الوضع الأمني تردت القراءة، وقلت المعارض.

أما فيما يخص العلاقة بين دور النشر والكاتب، فهي معاناة مستمرة. فقسم من الكتاب لا يستطيع النشر على حسابه الخاص بسبب عدم قدرته المادية. لكن دار النشر في الوقت نفسه لا تستطيع أن تنشر لكل من يريد أن ينشر لأنها تنظر للأمر من ناحية تجارية، فهي قد تطبع، لكن الكتاب لا يباع، فتخسر الدار. إنها حلقة مفرغة في العلاقة بين الناشر والكاتب. هناك بالطبع كتاب ينشرون على حسابهم الخاص متحملين أجور الطباعة، لكنهم قلة، فكثير من المبدعين لا توجد عندهم الإمكانية المادية لطبع إنتاجهم الأدبي والعلمي.