قصة كتاب

واقع الصحافة العربية مقارنة بالصحافة الغربية

خالد الخضري و فن الخبر الصحافي
TT

بعد أن عملت في الصحافة السعودية ما يقارب الـ20 سنة، كان منها 15 سنة متواصلة متفرغا، آخرها مديرا لفرع جريدة «المدينة» بالطائف، جاءت فكرة أن نقيم دورة صحافية للإعلاميين والإعلاميات في محافظة الطائف تبناها آنذاك الدكتور عايض الزهراني رئيس مركز خدمة المجتمع، وفعلا عقدت الدورة التي أشرفت عليها أنا شخصيا، وكان من أبرز من شارك في التدريب بها غيري، الإعلامي أسامة السباعي رئيس تحرير صحيفة «المدينة» سابقا، وحسين بافقيه رئيس تحرير مجلة «الإعلام والاتصال»، وحققت الدورة نجاحا كبيرا.

المهم، أن الحقيبة التدريبية التي عملتها تحولت من قبل أصدقاء، على رأسهم الدكتور محمد قاري السيد، إلى فكرة إصدار كتاب، كنا نطمح أن يكون متميزا في هذا الشأن، وكانت الفكرة ألا يكون كتابا عاديا يسرد ويوثق، بقدر ما كان من الضروري أن يحلل، ويناقش، وينقد ويطرح نماذج لما هو موجود في الصحافة السعودية، ومن هنا نشأت فكرة تأليف «سلسلة دراسات وبحوث إعلامية»، حملت عنوان: «الصحافة: فن ومهنة»، صدر منها الجزء الأول «فن الخبر الصحافي» عن نادي الطائف الأدبي 2007 الذي أدرج الآن ضمن المقررات الدراسية لطلاب كلية الإعلام، قسم الصحافة، في جامعة «الإمام محمد بن سعود الإسلامية».

وجاء الجزء الثاني من السلسلة، الذي هو الآن تحت الطبع، بدعم من نادي الباحة الأدبي، ليكون ضمن إصداراتها للعام الحالي 2013، ليتناول هو الآخر جوانب مهمة في الصحافة السعودية، حاملا عنوان «خطابات مؤثرة في الصحافة السعودية»، ومثل مجموعة بحوث محكمة ومحاضرات شاركت بها في مؤتمرات وجامعات سعودية، كان أبرزها مؤتمر الأدباء الثالث، بورقة «الأدب والصحافة: تجاذب أم تكامل». وكانت فترة الثمانينات من القرن الماضي هي الفترة التي تناولتها الدراسة، إضافة إلى الدراسة الأم التي حملت عنوان الكتاب، وتناولت الخطابات المؤثرة في الصحافة السعودية، وكيف أثرت على رسم سياسة الإعلام السعودي المقروء، وأثرت من ثم على المتلقي.

ولقي هذا الإصدار والسلسلة دعما يستحق الشكر من رئيس تحرير جريدة «الجزيرة» خالد المالك الذي كتب تقديما للكتاب في جزئه الثاني.

خلال عملي في البحوث والدراسات واجهت الكثير من المشكلات، على رأسها عدم توافر مراجع عربية كافية تخدم موضوعات البحث، وحتى المراجع الأجنبية ربما تختلف في خطها بحكم الظروف التي نشأت فيها الصحافة، بين النشأة الأوروبية في ظل التغيير الذي عاشته تلك الشعوب، الذي أعقب عصور الظلام في القرن الـ16 الميلادي، وحاجة الشعوب إلى وجود سلطة رابعة تمثلها، والنشأة العربية للصحافة على يد الحكومات العربية لتستحيل نشرات سخرت لخدمتها. وهذا الفرق، وإن بدا للقارئ فرقا هينا، لكنه في حقيقة الأمر فرق كبير، يجعل طريق التفكير بينها بون شاسع، وطريقة التعاطي مع قضايا الناس وهمومهم في الصحافتين مختلفا كليا. فمهما تعاطت الصحافة العربية مع قضايا الناس تظل قاصرة من وجهة نظري ومحدودة الطرح، وتظل في نطاق الخطوط الحمراء التي تحرم المواطن العربي من حقه في نقل همومه بشكل يجعل من الصحافة سلطة حقيقية قادرة على الكشف، وهذا ربما ما أفرز الآن مدرسة جديدة في الصحافة الأميركية، أطلق عليها «الصحافة الاستقصائية» التي لم تتمكن من تحقيق وجودها في الوطن العربي بحكم ظروف نشأة الصحافة فيها.

عموما، تجاوزت مشكلة المراجع، واستطعت أن أقدم للمكتبة العربية، والسعودية على وجه التحديد، مرجعا، يتعاطى بشكل مباشر مع الصحافة السعودية، ويتناول واقع الصحافة العربية إذا ما قورنت بالصحافة في أميركا أو في أوروبا، وكانت التطبيقات تركز بشكل مباشر، وتتناول بالنقد ما يطرح في الصحافة السعودية من أخبار وتحقيقات ومقابلات صحافية وغيرها من فنون الصحافة.

* باحث سعودي، ومدرب في المجال الإعلامي