المغاربة يأكلون 1500 طن سنويا من الحلزونات

ينومونها ثم يخزنونها.. ويوقظونها لتبيض وتؤكل

TT

يقبل اغلب المغاربة بشراهة في هذا الفصل الشتوي على اكل «الغلالة»، حيث يتكدسون ويتهافتون على عربة بائع هذه الوجبة، ذات النكهة الخاصة، التماسا وطلبا لمرق أقداحه الطينية التي تتطاير شرارة توابله الحارة، كأنهم في ذلك يودون ضخ الدفء في اجسامهم كي يقيهم لسعة البرد القارس. و«الغلالة» او «الببوش»، التي تعني الحلزون باللهجة المغربية الدارجة، يستهلك منه المغاربة داخليا ما يناهز 1500 طن سنويا، اذ تنشط العديد من الشركات الزراعية في تربيته وتحرص على جمع انواعه الاكثر طلبا في السوق ولدى الزبائن، وذلك عن طريق تخزينها بواسطة السبات الشتوي الى غاية الخريف الموالي.

يقول محمد الشتوكي احد المهتمين بتربية الحلزون «بعد تخزين الحلزون وتنويمه يعمل المربون على ايقاظه عن طريق رفع الحرارة الى 17 درجة مئوية في درجة رطوبة معتدلة وبعدئذ ومباشرة بعد الصحو، يبدأ الحلزون في التكاثر ثم يضع بيضه الذي يفقس خلال ثلاثة اسابيع...».

وبخصوص طريقة تجميع الحلزون من الحقول فانها تتم بطريقة غريبة وعشوائية مفتقرة في ذلك الى ادنى الشروط العلمية والبيولوجية والتي تعمل على راحة واستمرار هذا الكائن الصغير. وبهذا الخصوص يقول عبد المنعم الشرقاوي، باحث بيطري وبيولوجي: «يعد المغرب البلد الوحيد الذي يفتقر الى قانون تنظيمي خاص بالراحة البيولوجية للحلزون، و70 في المائة منه يجمع بطرق عشوائية من طرف بعض الاوروبيين وكذلك الوسطاء المغاربة المهتمين بجمع الحلزون حيث يجمعونه في فترات التناسل، وهو امر ممنوع في الدول الاخرى.

من جهة ثانية، تستمر كثير من الاسر المغربية وخصوصا في فصلي الخريف والشتاء على جمع هذا الحيوان بنفسها من الحقول المتمركزة على وجه التحديد في السهول الاطلسية.

وتقول ربة البيت كلثوم السعدي (42 عاما): «أنا لا أثق في وجبة الحلزون التي تباع بالاسواق، لذلك احرص ما أمكن على جمع الحلزون بنفسي من الحقول، رغم كون المحترفين لايتركون لنا منه شيئا، ثم اضعه داخل كيس الدقيق مدة يوم كامل كي يطرح فضلاته، وبعد ذلك أطبخه جيدا في مرق مفعم بالتوابل والاعشاب المغربية كالقرفة والزنجبيل والثوم والقرنفل والزعتر».

وإذا كان البعض يشمئز من هذه الاكلة، فإن الغالبية تجتذبهم نكهة غليان طبق «الغلالة» فوق النار وطريقة اكلها بواسطة الدبابيس.

يقول عبد الله (64 عاما) احد الباعة المعروفين باحدى شوارع مدينة الرباط: «يصطف الصغار والكبار امام عربتي كل يوم في طابور طويل راغبين في اقداح الحلزون ومرقه التي ابيع الواحد منها بـ 10 دراهم (دولارا)، فهم يشربونها لاعتقادهم بفوائدها. واني اعمل جاهدا من اجل غسله وتنظيفه ثم طبخه جيدا كي تكون جرعات اقداحي شفاء وبركة..». لكن يتقزز من هذه الاطباق الصغيرة اهالي جنوب المغرب وأهل الصحراء.

ويعتبر المغرب منتجاً ومصدراً أساسياً للحلزون، وهو يضم اكبر تنوع بيولوجي له بوجود ما بين 500 و600 نوع، ومن الخمسة انواع المشهورة عالميا يوجد ثلاثة منها في حقول المغرب، حيث يصدر بنسبة 40 في المائة من الاستهلاك الأوروبي، وبعائدات اجمالية تقدر بـ 30 مليون درهم سنويا. ويعمل المغرب على تطوير التعاون بينه وبين دول اخرى كالارجنتين في مجال تربية الحلزون.