حياة العزاب في السعودية.. عذاب.. عذاب

TT

يشتكي بعض المتزوجين من انهم دخلوا «القفص» يوم دخلوا عش الزوجية، ويحسدون العزاب على نعمة الحرية التي تتيح لهم السهر والسفر والمغامرة.. لكن الحقيقة ان الشباب العازب في المملكة العربية السعودية يعيش في شكل من اشكال العذاب، حيث يعاني الشبان غير المتزوجين مما يشبه صور التمييز الاجتماعي، فالقليل من اصحاب الوحدات السكنية مستعدون لتوفير شقق لعازبين، اما المجتمع فانه يرفض وجود مساكن للعزاب داخل الاحياء السكنية التي تعيش فيها العائلات.

ويقول احمد سلمان، الذي يضطر لتأجير شقة قريبة من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران، انه عانى الامرين للحصول على شقة سكنية لأن المكاتب العقارية تشترط ان يكون المستأجر متزوجا، اما العزاب فانهم يحصلون على شقق بعيدة عن العمران مسافة طويلة. ويبدي صاحبه، مرشد المرزوق امتعاضه لـ«ازدواجية المفاهيم» لدى الناس، فالآلاف من العمال الهنود والفلبينيين يعيشون داخل البيوت القديمة والشقق وسط الاحياء السكنية دون ان يتعرضوا للامتعاض او الاستهجان، اما الشباب السعودي فيضيف.. «لا احد يقبل ان يجد عزابا يروحون ويغدون بينهم وكأنهم وباء».

ويقول «ابراهيم الحمد» وهو مالك للعديد من الشقق المؤجرة انه يرفض تأجير الشباب قبل ان يثبتوا انهم متزوجون بموجب وثائق رسمية، ويتعهدوا ايضا انهم سوف يستخدمون تلك الشقق باعتبارها مساكن عائلية، ويضيف ان هذا ايضا مطلب الجيران والساكنين، فلا احد يقبل ان يستأجر في عمارة يرتادها «العزوبية».

وخلال السنوات الاخيرة انطلق الآلاف من الشباب السعودي يبحث عن الشقق السكنية القريبة من الجامعات او مراكز الاعمال التي يعمل بها، ووجد العشرات من المستثمرين انفسهم امام «كنز» لا ينضب مستغلين حاجة هؤلاء الشباب للسكن واضطرارهم لدفع مبالغ باهظة نظير حصولهم على شقق سكنية، حتى لو كانت في مناطق بعيدة.

ولا يقتصر الحرمان الذي يعاني منه العزاب على مجال السكن، فهناك اماكن الترفيه التي لا تشجع وجود العازبين داخلها، خاصة التي ترتادها العوائل، فالغالبية المطلقة من الحدائق العامة والمتنزهات ترفض دخول العزاب اليها، اما الاسواق التجارية والمجمعات ومدن الالعاب فانها تحد من قبول الشباب العازبين وتخضعهم في الغالب لمراقبة دائمة خشية ان يضايقوا العائلات.

وتصبح «الاخت» للشباب العازبين مفتاح العبور والدخول لعالم الترفيه والتسلية والاستجمام والتسوق والالعاب دون ان تتقاذفه الاعين بسهام الشك والارتياب. ويقول وليد الاحمد وهو يتسوق داخل مجمع تجاري انه يضطر لتقبل دلال اخته وشروطها من اجل ان تحضر معه المجمع التجاري او الذهاب لمدن الالعاب، ولكن ماذا سوف يفعل لو عزم جمع من اصدقائه على قضاء سهرة في تلك المجمعات او الحدائق او المتنزهات.. يقول «لا شيء اما ان نغامر ونذهب وتبقى مسألة قبولنا او ردنا مسألة حظ.. او اختيار اماكن لا ترتادها العائلات».

والانظمة ليست بالضرورة نتيجة سن قوانين ولكنها في الغالب استجابة لعادات اجتماعية ترغب في توفير جو من الخصوصية للعائلات بعيدا عن مزاحمة الشباب، وهي من الحالات القليلة التي يتحسس الشبان قيمة العائلة في حياتهم.. فوجود الزوجة او الاخت او الوالدة بجانب السائق في السيارة من شأنه ان يتحول الى جواز العبور عند نقاط التفتيش او التدقيق على رخص القيادة والوثائق الرسمية، حيث يتساهل رجال المرور مع العائلات.

من ناحية اخرى يسوق الداعون للتشديد على العازبين العديد من الامثلة التي تشير الى الشباب بأصابع الاتهام كونهم يسعون لمضايقة الفتيات والتحرش بهن ودفعهن لخوض تجارب عاطفية عبر الاتصالات والمعاكسات، وبالرغم من الجهود التي تحد من وجود العازبين فان العشرات منهم يتزاحمون في المجمعات التجارية والشواطئ بالرغم من مراقبة رجال الامن و«هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر»، لضمان عدم ازعاجهم للعائلات.

ويطالب عدد من هؤلاء الشباب بتوفير مساحات للترفيه والتسلية لهم في مناطق لا تقصدها العائلات، ولعل المقاهي الشعبية والاندية البحرية واماكن «التطعيس» بالسيارات بالاضافة للبر والشواطئ النائية هي الاماكن التي يمكن ان يجد فيها العزاب مجالا للتسلية والترفيه بعيدا عن مضايقة المتزوجين.. فالزواج الذي كان يعدونه سجنا.. اصبح في السعودية افقا للحرية والاستمتاع!