محمود درويش قرأ شعره في الرباط فملأ الأسماع وجنبات المسرح

TT

قلما تمتلئ جنبات مسرح محمد الخامس بالعاصمة المغربية الرباط بمثل الحضور الذين كانوا منذ ساعات المساء الاولى في انتظار الشاعر محود درويش في الامسية الرائقة التي نظمها له اتحاد كتاب المغرب مدشنا بالشعر مؤتمره السادس عشر.

تألق الشاعر كعادته، واصغى اليه متذوقو شعره. وران على القاعة صمت نادر، لا يقطعه بين القصيدة والأخرى، الا تصفيق الاعجاب والاستحسان.

قرأ الشاعر مقاطع من ديوانه الاخير «حالة حصار» وكذا من المجموعة «لا تعتذر عما فعلت» امتزج دفق الشعر بحالة الترتيل، حيث بدا الشاعر امام المنصة البلورية، شلالا صافيا، تصل رذاذات ماء الشعر الطالع من جوارحه ووجدانه كل اركان المسرح.

لم يطلب الجمهور قصائد ثورية مباشرة عن فلسطين، ادراكا منهم ان «القضية» تنبض في شرايين النماذج التي تلاها بايقاع بدا معه وكأنه يتبع نوتة موسيقية، يتموج الصوت وفقها صعودا ونزولا. وردت (فلسطين) بالاسم فقط في المرثية التي اهداها الشاعر الى اليوناني، ريبتسوس، وحضر الوطن كذلك بقوة غنائية اسرة في النص الشعري المستلهم من سيرة حياة المفكر الراحل، ادوارد سعيد، الذي صفق الحاضرون طويلا بمجرد ما نطق درويش باسم صديقه وابن بلده. من الادباء الذين ناجى روحهم شعرا في الامسية العراقي، بدر شاكر السياب. تذكره درويش وهو يصرخ في الخليج سدى: «عراق، عراق يا عراق»، من دون ان ينسى صديقه المبدع الكردي سليم بركات قائلا عنه «ليس الكردي إلا الريح.. يدنو منها وتدنو منه». القصائد الاخرى التي ملأت اسماء الحاضرين لمدة ساعة ونصف، وهو زمن قياسي، ونقلتهم الى كون درويش الشعري بما فيه من شعاب وتضاريس وحدائق وبحار وفضاءات لازوردية.

اقتنع محمود ان الجمهور المغربي متعلق بشعره مهما كثرت زياراته وقراءاته. فكما ان مسرح محمد الخامس الذي تعودت عليه خشبته يحتل كما قال درويش مكانة خاصة في مزاجه الشعري كذلك هو له حظوة مماثلة عند محبي شعره.