العراقيون يستبدلون المهفة بالمكيفات ويصنعون من الخوص سرائرهم

TT

في اليابان واوروبا ومختلف الدول المتقدمة تكنولوجيا.. يضع العلماء واصحاب المهن المختلفة عصارة افكارهم في تطوير المنتجات والاجهزة والمواد الصناعية، ويستخدمون الحاسوب والانترنت وكل ما افرزته الحضارة والعلم والتكنولوجيا في خدمة شعوبهم. اما في بلد مثل العراق فالباحثون واصحاب المهن يعتصرون اذهانهم ليجدوا بدائل لكل منتوج او مادة صناعية او استهلاكية كانت تصلهم من الخارج، او تصنع من مواد اولية باتت مفقودة حاليا.

فبدلا من استخدام اجهزة التكييف الاحدث نوعا على سبيل المثال، عاد العراقي الى استخدام «المهفة». وبدلا من ان يشتري اثاثه متبعا آخر خطوط الموضة، وباستخدام افضل انواع الاخشاب، تجده يعود مرة اخرى الى سعف وخوص النخيل ليستخدمها في صناعة الارائك والاسرة والسلال وكل ما يمكن صناعته من تلك المواد.

وهكذا.. على استحياء، عادت المنتجات «الخوصية» والمصنوعة من السعف لتحتل واجهات محلات متخصصة، او «بسطيات» اعدت لهذا الغرض.. كانت ككل شيء في بداية ظهوره، اشبه بمجازفة غير محسوبة النتائج، لكن رسوخها في ذاكرة الناس كان نقطة لصالحها. ومن دون ابطاء، سارع العراقيون الى اقتناء منتجات السعف والخوص، ليستعيدوا رائحة الماضي، وليضعوا نقودهم القليلة في شيء نافع بدلا من ان تتسرب ولا تجلب للبيت العراقي جهازا كهربائيا او اداة مطبخ مهمة او غير ذلك.

وعن هذه الصناعة القديمة ـ الحديثة، تحدث لـ «الشرق الأوسط» مهدي ياسين، صاحب أحد المحلات المتخصصة ببيع اثاث السعف والخوص موضحا ان الاقبال الكبير بالنسبة للمواد المصنوعة من الخوص مثلا يكون على المنتوجات التي تنفع كديكورات للمنازل او تحف لغرف الضيوف والمكاتب، كسلال الحلويات ولوحات الحائط وسلال الزهور وما شابه. اما بالنسبة للمنتوجات المصنوعة من السعف فهي قليلة لرخص اثمانها، وافتقارها الى عنصر الجمال الموجود في المواد الخوصية، لكن الطلب عليها اكثر لفائدتها اليومية للبيت العراقي، ومنها «الزنابيل» بأنواعها كافة، والسلال والمكانس والحصران.

ويمكن العثور على القصب من اطراف بغداد بالقرب من مصادر المياه، كالسواقي ومشاريع البزل. ولأنه يؤذي المزروعات، فإنه يؤخذ قبل ان يعمد الفلاحون الى حرقه، كما يمكن الحصول عليه ايضا من الاهوار التي تشتهر بكثرة القصب والبردي، لكن قصب الاهوار اكثر هشاشة ولا تتمتع منتوجاته بنفس متانة وجاذبية النوع الاول.

اما الاثاث الكبير الحجم كالارائك والكراسي والدواليب والمكتبات والمناضد والديكورات المعقدة فهناك من يجيد عملها من الرجال، لصعوبة ذلك على النساء. ويقول كريم علو، صاحب محل آخر لبيع الاثاث: بعد نجاح فكرة اعادة الصناعة الخوصية، وصناعة الاثاث من السعف «الجريد» الى الحياة، لم تعد افكار العاملين فيها مقتصرة على الاثاث المعروف والادوات البسيطة، بل تطورت صناعتها كثيرا، ودخلت اليها مفردات لم تكن في السابق، كأواني تنسيق الزهور وواقيات الحرارة التي توضع تحت الاشياء الساخنة ومناضد التلفزيون ذات الديكورات المطعمة بالزجاج واسرة النوم الفردية والمزدوجة واطقم الكنبات وديكورات الحمام كحاملة الصابون او حمالة الملابس.

وتجري صناعة هذه الاغراض في البيوت لاعتمادها على النساء القرويات في المحافظات التي يكثر فيها النخيل. ومن المؤكد ان عملهن خارج المنزل يشوبه شيء من الصعوبة.

والاسعار رخيصة مقارنة بأسعار اثاث الخشب والتحف المصنوعة من السيراميك، او حتى «البورك». وهناك اعمال غالية لدقة صناعتها وكبر احجامها واهميتها في المنازل او المكاتب.