مقاهي بيروت.. مقامات وتكاليف تدفع إلى الاستدانة

TT

للمقاهي في بيروت مقامات تفرض على روادها عادات وتكاليف لا ترتبط الا بادمان بعض اللبنانيين ركوب موجة الموضة مهما كان الثمن، وذلك للحفاظ على اطار اجتماعي يناسب السائد، الا ان البعض الآخر لا يهتم بالمظاهر ويتجه نحو استراحات شعبية الطابع اعتاد عليها.

وبعيدا عن سياسة العرض والطلب تعمد المقاهي الى رفع اسعارها لمجرد وجودها في وسط المدينة وقبالة المجلس النيابي او ضمن مطاعم واستراحات الفنادق الفخمة او حين تنبثق عن فرع عالمي اشتهر بمستواه الشعبي واسعاره المتهاودة حيثما كان، الا في لبنان، ولا يختلف عن المقاهي الاخرى من حيث بساطة الديكور.

واقبال اللبنانيين على ارتياد المقاهي لم يتأثر بأي ضائقة اقتصادية، وكأنه بات من غير الممكن قضاء وقت ممتع ولطيف من غير «الارجيلة» وفنجان القهوة وحلقة الاصدقاء. والملاحظ ان رواد المقاهي الراقية لا ينتمون بالضرورة الى الفئات الميسورة، وانما غالبيتهم من الموظفين والعاملين، وفي حين يفترض ان يقصد مجموعة من الشباب والشابات مقهى معينا للتسلية وتمضية الوقت، الا ان الفئة المصرة على ارتياد المقاهي المكلفة يضعون نصب اعينهم ما سيتكلفونه، ويعقدون اتفاقاً مسبقاً يقضي بتحمل كل فرد قيمة طلباته وفق صيغة معروفة في لبنان بأنها «شركة حلبية». الا ان كرامة الميسورين من رواد المقاهي الراقية تخدش ويشعر بالاهانة اذا لم يسدد الفاتورة عن الجميع تماشيا مع التقاليد العربية الاصيلة، ويختار للتباهي بكرمه اغلى المقاهي سعراً.

ويبقى للمقاهي الشعبية سحرها رغم موجة المقاهي الجديدة، وهم اذ يوفرون بارتيادها على الجيب، الا انهم يفضلونها لطابعها التراثي المستقى في بعضها من خيمة خان الخليلي في مصر او عن المقاهي الباريسية او المقاهي الشاعرية على شاطئ البحر. ويعتقد البعض ان العلاقة الجميلة التي تربط الرواد بالمقهى لا تحتاج الى اسعار باهظة وخيالية لتصبح امتن. وتقول غادة «اذا دفعت ثمن كوب العصير اضعافاً مضاعفة فلن يغير ذلك من طعمه شيئاً». واذ يرى منير ان الفتيات متعلقات بالمظاهر يؤكد «لا يهمني ما سيقوله اصدقائي وصديقاتي عني بقدر ما يهمني التمتع بأمسية بعد يوم عمل طويل وشاق، واني وقد ادمنت المقهى فاختار ما يناسب راتبي، واحياناً اكتفي بفنجان قهوة او اتجاوزه الى كوب عصير في احسن الاحوال». الا ان احمد يصر على ارتياد مقهى مرتفع التكاليف ولو دفعه اصراره الى الاستدانة آخر الشهر، فهو يقول «احدد دائما ما اريد تناوله، واقصد هذا المقهى بالذات لانه مريح وهادئ ونظيف رغم ارتفاع اسعار الطلبات».

=