تفاصيل جديدة حول تجسس «إف.بي.آي» على العالم البرت آينشتاين

TT

كانت النساء تلاحقه وكذلك النجوم، السياسيون كانوا يحبون مصاحبته، كما طارده الصحافيون في الشوارع. لكن العالم البرت اينشتاين كان يعرف جيدا ان مجموعة ما «شريرة» كانت تتبعه.

ولعدة سنوات تجسس عليه مكتب المباحث الفيدرالي (إف.بي.آي)، وكذلك وكالات اخرى تابعة للدولة، بسبب الشكوك الكثيرة التي اثيرت حوله كعميل للروس، وايضا بسبب مواقفه الداعية للاعنف والاشتراكية ومؤازرة قضايا الحقوق المدنية. وقد وصلت هذه الشكوك الى اتهامه بالاشتراك في مؤامرة شيوعية للسيطرة على هوليوود.

كل هذه الشكوك والاتهامات اصبحت معروفة، خصوصا بعد ان حصل الدكتور ريتشارد آلان شوارتز، استاذ الأدب الانجليزي. بجامعة ميامي انترناشونال، على ملفات «مراقبة» من قبل «اف.بي.اي» وكتب عنها في مجلة «ذا نيشن». لكن الجديد في الامر هو التفاصيل التي كتب عنها الصحافي فريد جيروم في كتابه الجديد «ملفات اينشتاين: حرب ادغار هوفر السرية على اشهر عالم في العالم». والكتاب سينشر هذا الشهر ويحتوي على معلومات اضافية لم تنشر من قبل، مثل كيف تجسس المكتب على اينشتاين ومن هم المخبرون الذين تجسسوا عليه وقالوا انه كان جاسوسا. ومع ان هذه النشاطات كانت امورا روتينية في عمل العملاء، الا ان جيروم يقول «كانت الاعمال كالتالي: ينهض العميل من نومه في الصباح وينظف اسنانه ثم يبدأ بفتح بريد غيره والتنصت على مكالماتهم».

ومع ان التحريات لم تقدم اي ادلة، الا ان المكتب تابع تحركات اينشتاين حتى وفاته عام 1955. وكانت السلطات ترغب في ترحيله من الولايات المتحدة. ومشاكل اينشتاين السياسية بدأت في المانيا التي تركها عام 1894 عندما كان عمره 15 عاما. لكنه عاد ثانية الى برلين للعمل مع اندلاع الحرب العالمية الاولى. ولم يخف اينشتاين كرهه للحرب. وكان واحدا من اربعة من مشاهير المثقفين الذين وقعوا على بيان ضد الحرب ومع وحدة اوروبا، كما انه حضر اجتماعات تدعو الى «اللاعنف».

واصبح اينشتاين نجما عالميا عام 1919 بسبب نظرية «النسبية» التي اعادت كتابة قوانين الجاذبية والوقت والمكان. وارعبته القنبلة الذرية ولهذا تكلم بعد الحرب العالمية الثانية من اجل ايجاد حكومة دولية واحدة للبشرية، وكتب قائـلا: ما زلت اخاف اكثر من الحروب القادمة. ومع ان اينشتاين كان يميل للاشتراكية الا انه لم يكن ذلك الرجل الذي يثق في الحركات السياسية الشعبية. ولم يكن اينشتاين ذلك الرجل الحزبي، فقد قال عنه المؤرخ الدكتور روبرت شولمان: اينشتاين لا يثق بأي سلطة. انه الشخص الذي لا يريد الناس انضمامه الى منظماتهم. الا ان مكتب التحريات كان يعتقد ان الافكار الليبرالية هي الخطوة الاولى نحو الشيوعية. ويقول الدكتور ريتشارد غيه بورز، استاذ التاريخ في كلية ستيتن ايلاند وجامعة سيتي يونيفيرستي اوف نيويورك ومؤلف «السلطة والسرية: حياة جي ادغار هوفر». لم يكن هناك اي خيار للمكتب سوى مراقبة اينشتاين، خصوصا بعد الحرب. ويضيف بورز ان وكالات الدولة كانت مضطربة بسبب الحرب الاعلامية التي بدأت تسير لصالح الاتحاد السوفياتي بسبب المشاهير امثال اينتشاين وبيكاسو وشارلي شابلن الذين كانوا ينتقدون السياسات الاميركية.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»