مهرجان كان: المخرج غيتاي يهرب بفيلم «كيدما» من حاضر إسرائيل

TT

إنها المرة الثالثة التي يشارك فيها المخرج الإسرائيلي عاموس غيتاي في المسابقة الرسمية لمهرجان «كان» عبر فيلمه «كيدما»، وكان قد شارك قبل عامين بفيلم «كيبور» الذي يتناول حرب عام ثلاثة وسبعين بين العرب وإسرائيل، كما شارك العام الماضي بفيلم «عدن».

«كيدما» يظهر من البداية فيلما مفككا وذا مستوى فني متدن، مثله مثل الفيلم السابق للمخرج نفسه الذي وإن كان معروفا في الغرب بمواقفه كيساري إسرائيلي فهو يظل المخرج الرسمي لإسرائيل في الخارج ومهمته تبييض صفحة بلده.

غيتاي ينصرف في «كيدما» إلى موضوع تاريخي حربي، مثل المواضيع التي عالجها في أفلامه الأخيرة. موضوع «كيدما» يدور خلال أربع وعشرين ساعة، يبدأ في البحر مع قدوم سفينة صدئة عليها مهاجرون يهود من مختلف أنحاء أوروبا، يسعون للوصول إلى شواطئ فلسطين، في اليوم الذي يعلن فيه الانجليز تركهم لفلسطين. وقد أعقب ذلك في اليوم نفسه إعلان بن غوريون قيام دولة إسرائيل ومن ثم اندلاع الحرب العربية ـ الإسرائيلية عام ثمانية وأربعين. وفي انتظار هؤلاء تقف عصابة من جنود البالماخ، نواة الجيش الإسرائيلي، والتي كانت تعمل في السر في عهد الانجليز. ويصور غيتاي هؤلاء بعد أن نزل ركاب السفينة وقد داهمتهم القوات البريطانية محاولة منعهم من مغادرتها، إلا أن قسما من القادمين ينجح في مغادرتها والوصول إلى مخيم عسكري للبالماخ. ومباشرة، وقبل أن ينال هؤلاء قسطا من الراحة، يجري تدريبهم على السلاح ثم زجهم في معركة إلى جانب الجنود الذين لا يقول عنهم المخرج أنهم أيضا من عصابات «شتيرن» و«الأرغون» التي كونت نواة الجيش الإسرائيلي.

نرى عددا من الإسرائيليين وبينهم قادمون جدد يسقطون في المعركة، لكننا نرى أيضا العصابات الإسرائيلية تفجر البيوت وتهجر أهاليها العرب في إحدى القرى الواقعة على الطريق إلى القدس التي كانت محاصرة في تلك الأيام.

وبغض النظر عن الجانب التاريخي للفيلم والتركيز على جانبه الروائي يبدو «كيدما» تبسيطيا غير ذكي وضائعا في متاهة الواقع في محاولته مساواة العرب بالإسرائيليين. ولعل أخطر ما في الفيلم وضعه اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين على قدم المساواة بالإسرائيليين القادمين بإرادتهم من أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، مساواة بين الجاني والمجني عليه. لكن الفيلم يحاول التكفير عن هذا الذنب من خلال إحدى الشخصيات اليهودية المهاجرة التي تقول: لا يمكن لنا أن نفعل ذلك نحن الذين شهدنا ما شهدناه في اوروبا.

وعندما يأتي اليهود إلى فلسطين من شتات اوروبا، يبدون جاهلين تماما بوجود الفلسطينيين على هذه الأرض، وحين يلتقيهم جمع من الفلسطينيين الهاربين يسارع مهاجر روسي إلى حمل الحجر لضربهم به بينما يحاول يهودي البالماخ تهدئته وكذلك الفلسطينيون.

ويصور غيتاي العرب في مشهد بسيط في القرية المهجورة حيث بقي مسن وزوجته وحمارهما في موقف غير واضح وغير مندمج بالمرة مع الفيلم، وتبسيطي جدا بالعربي الذي ينهره الجنود فيجيبهم: باقون هنا.. باقون هنا، ثم يردد أمامهم وفي أعقابهم قصيدة لتوفيق زياد لا محل لها أصلا في الفيلم.

وباعتبار أن المخرج لا يستطيع معالجة الحاضر، الذي لا يمكن معالجته سينمائيا من قبل مخرج اسرائيلي، فهو يهرب إلى هذا الماضي القريب. وغيتاي مستعد لانتقاد اسرائيل لكن إلى أية درجة؟

=