لبنان يبتدع امتحانات رسمية استثنائية لـ«طلاب» لم يدخلوا المدرسة

TT

يتقدم اليوم حوالي 10 آلاف طالب وطالبة الى امتحانات رسمية لنيل الشهادة الثانوية في لبنان (البكالوريا ـ القسم الثاني)، عدد كبير منهم لم يلتحق بمدرسة بطريقة منتظمة، وبعضهم لم يعرف المدرسة مطلقاً، او ممن تجاوزوا الستين من عمرهم، وذلك بناء على قرار خاص اصدره وزير التربية اللبناني عبد الرحيم مراد، لا يشمل الطلاب العاديين في المدارس، ومفاده انه يحق لمن بلغ سن الرشد ان يتقدم الى هذه الامتحانات وفق المنهج القديم، الذي الغي في برامج التدريس قبل عامين من دون شرط يفرض عليه تقديم افادة مدرسية، مع العلم انه لم يتبق سوى مائتي طالب وطالبة لم يحالفهم الحظ في النجاح عبر اربع دورات متتالية من طلاب المنهج القديم.

وكان الوزير مراد قد جمع الاساتذة المراقبين في الامتحانات وطلب اليهم عدم التشدد مع هؤلاء «الطلاب الاستثنائيين»، مبرراً قراره بنص قانون موجود ولم يؤخذ به حتى اليوم. اما شروط الحصول على طلب ترشيح لهذه الامتحانات فتقتصر على ابراز اخراج قيد وصورتين شمسيتين للمرشح ورسوم تسجيل تبلغ اربعين الف ليرة (37 دولاراً).

اما اعمار المرشحين فتتراوح في معظمها بين الاربعين والخمسين عاماً مع استثناءات لمن تجاوز الستين. ومن بين هؤلاء رئيس بلدية في احدى القرى، اصر على تقديم الامتحانات، موضحاً انه طالما حلم بتعليق شهادة رسمية في مكتبه تحمل اسمه.

مرشح آخر يعمل مزارعاً، ارغمته امه على تقديم الامتحان، مع انه لم يلتحق بمدرسة قبل اليوم، وذلك كي تفتخر به امام الاهل والجيران. ومرشحة ثالثة تقدمت الى امتحانات الشهادة الثانوية اكثر من ست دورات ولم تنجح، مع انها ذكية ـ كما تقول ـ لكن الامتحانات ترهبها فتنسى كل ما درسته وتأمل في هذه الدورة ان تزول الرهبة. مرشحة رابعة اغتنمت الفرصة ودرست بتركيز، وذلك كي تتخلص من اتهام حماتها لها بأنها أمية.

لكن الامر لا يقتصر على الطرافة، فقد اوضح عضو رابطة الاساتذة الثانويين فؤاد عبد الساتر لـ «الشرق الاوسط»، «ان خطورة الامر هي في امكان توظيف احد الحاصلين على الشهادة الثانوية ممن لا يملكون مؤهلات علمية، كأن يتم التعاقد مع مدرسين حاملين هذه الشهادة، وهم اميون، للتعليم في الصفوف الابتدائية او تسليمهم مسؤوليات تربوية من دون ان يملكوا الكفاءة».

وفيما اعتبر بعض التربويين ان قرار الوزير يمنح فرصة لمن يملك مواصفات للنجاح ومتابعة التحصيل مهما كانت ظروفه ومهما بلغ عمره، ليحسن مستواه العلمي والمهني، اعتبر البعض اقرار هذا القانون بمثابة خدمات انتخابية، تقدم للناخبين على ان تستثمر في صناديق الاقتراع بعد عامين، تماماً كمنح الجنسية اللبنانية التي لا تزال تشكل موضوع لغط عند كل موعد انتخابي.