خياط الرؤساء الأميركيين قدم من مرسيليا وعاش مشردا ومارس النشل

دو باري: كلينتون أقلهم لطفا وبوش الأب غير ودود وريغان وبوش الإبن أكثرهم لطفا وأناقة

TT

واشنطن ـ أ.ف.ب: اذا كان احد يعرف الرؤساء الاميركيين اكثر من سواه، منذ ما يفوق الاربعين عاما، فهو الفرنسي جورج دو باري، الذي اضطرته الظروف الى التسكع ثم اسعفه الحظ فأصبح الخياط شبه الرسمي للبيت الابيض منذ رئاسة ليندون جونسون.

وكان جورج دو باري الذي وصل الى واشنطن في 1960 وهو في السابعة والعشرين من عمره، حصل في 1969 على الجنسية الاميركية. ودو باري هو الاسم الحقيقي لعائلته، كما يؤكد، ملوحا بجواز سفره الاميركي. وحين وطئت قدماه ارض العاصمة الاميركية كان مسلحا بشهادة في الخياطة، وبما يفوق الاربعة الاف دولار هي كل مدخراته.

عاش مع رفيقة اميركية لكن سرعان ما ساءت علاقتهما عندما رفض الزواج منها، فطردته ولم تعد له المال الذي اودعه في حسابها المصرفي، كما يقول. عندئذ بدأ فترة استمرت ستة اشهر من التسكع كما يقول بلكنة تفصح عن انه من مرسيليا. احتضنته الشوارع ورافقه العوز وكانت حصيلته من اللغة الانكليزية ضئيلة. ومارس النشل وبات لليال في مرآب في وسط واشنطن بالقرب من البيت الابيض.

ويبدو جورج دو باري (60 عاما) القصير القامة والدائم الاناقة، الذي ألف الرؤساء الاميركيون حضوره في غرف ملابسهم، فخورا بشعره الابيض المتهدل على كتفيه. فجميع زبائنه المرموقين يأتون عن طيب خاطر الى جلسة أخذ المقاسات التي تستمر ما بين نصف ساعة وساعة واحدة، تليها مواعيد القياس في جناح لينكولن الملاصق للجناح الرئاسي.

ويلازم الغرفة خلال تلك الجلسات، ثلاثة من موظفي جهاز الامن الرئاسي واثنان من خدم البيت الابيض. ويفضل جورج دو باري كلا من رونالد ريغان وجورج دبليو بوش على من سواهما من الرؤساء. فهما، كما يقول، «الاكثر لطفا والأشد اناقة». واضاف «ريغان كان يتحدث كثيرا، ويعرف، مثل جورج دبليو بوش قيمة الاقمشة، وكان يقدم لي حلوى من نوع جيلي بينز التي يحبها كثيرا».

ويتذكر جورج دو باري ان «نيكسون كان ودودا ويسألني دائما عن عائلتي. اما كارتر فلم يكن ينبس ببنت شفة. لكن فورد كانت تعليقاته ونكاته تنصب على قامتي القصيرة سائلا اياي ان كنت ألعب مع فريق كرة سلة اميركي».

وفي المقابل، اضاف جورج دو باري، فان جورج بوش الأب «لم يكن ودودا. لكن اقلهم لطفا على الاطلاق كان بيل كلينتون». وقال «كان كلينتون متطلبا جدا وباردا ودائم الانهماك.. كان يتجاهلني تماما».

وبدأت رحلة جورج دو باري إلى الاستقرار حين مر في أحد الايام امام مصنع كبير للألبسة الجاهزة. دخل والتقى سيدة كندية تتحدث اللغة الفرنسية قررت ان تساعده. وفي اليوم التالي بدأ العمل براتب قدره 70 دولارا في الاسبوع. فاستأجر غرفة صغيرة وادخر كل ما استطاع ادخاره واشترى آلة خياطة ما زال يستخدمها وبدأ ايضا العمل لحسابه الخاص.

آنذاك، كان دو باري على موعد حاسم مع الحظ. فخلال حديث في احد المطاعم مع نائب لويزيانا اوتو باسمان، طلب منه هذا الاخير تفصيل بزات. وما لبث هذا النائب الديمقراطي الذي اعجب بعمله ان اعطى اسمه الى مساعدي ليندون جونسون نائب الرئيس في تلك الفترة الذي استدعاه في وقت لاحق لوضع اللمسات الاخيرة على بزاته، قبل اشهر من تسلمه الرئاسة بعد اغتيال جون كنيدي.