تجارة السيارات «التحف» تزدهر في شوارع الرباط والدار البيضاء

TT

تقف في وسط مدينة الرباط سيارة سوداء اللون يخالها المرء أنها أخرجت للتو من معرض للتحف القديمة.

في الزجاج الخلفي للسيارة ألصقت ورقة بيضاء كتبت عليها عبارة باللغة الفرنسية تقول «سيارة من ماركة «بيجو» في حالة جيدة لمن يرغب في سيارة أو في «تحفة» موديل عام .1959 بادروا للاتصال برقم الهاتف الجوال (...)».

يقول صاحب رقم الهاتف الجوال إنه وسيط لبيع السيارة وأن صاحبها يطلب ثمناً حدده بـ35 ألف درهم مغربي (حوالي ثلاثة آلاف وخمسمائة دولار). ويضيف جازماً «بالإمكان أن تأتوا حالاً وسنقوم بتجربة لتتأكدوا أن المحرك بحالة سليمة، وان السيارة تسير».

غير بعيد من تلك السيارة تقف سيارة اخرى من نوع «فلكسفاغن» من النوع الذي يعرف باسم «الضفدعة». وبنفس الكيفية الصقت ورقة تحمل رقم هاتف جوال، لكن بدون تحديد السعر المطلوب أو موديل السيارة.

وينص قانون مغربي على أن أية سيارة يتجاوز عمرها 35 عاماً يمكن اعتبارها في عداد «التحف» المتحركة.

وقد تزايدت ظاهرة إقتناء ميسورين لهذا النوع من السيارات في السنوات الأخيرة بالمغرب خصوصاً في مدينتي الرباط والدار البيضاء، حيث تعرض سيارات تعود الى فترة الخمسينات. واصبح عدد من الميسورين مولعين بهواية قيادة سيارات عتيقة في شوارع الرباط والدار البيضاء في عطلة نهاية الأسبوع مع حرص ان تكون السيارة مكشوفة حتى يستطيع المارة تبين صاحبها الذي يسير مزهواً بها وهو يستمع للموسيقى من راديو السيارة.

وتنتشر الظاهرة هذه الأيام، حيث تتيح حالة الطقس امكانية التجول بسيارات مكشوفة. واذا كان بعض الشبان المغاربة الذين هم في عطلاتهم السنوية يسيرون بكيفية تزعج المارة والسائقين ويتسببون في حوادث مرور وينالون قسطاً كبيراً من لعنات المارة فان أصحاب السيارات التحف يسيرون بتمهل وتؤدة.

ويبدو أن هذا التقليد انتقل من فرنسا الى المغرب حيث اعتاد بعض الفرنسيين خاصة من كبار السن ان يستعملوا سيارات عتيقة في شوارع المدن خلال ايام العطلات الأسبوعية.

وما يزال بعض سكان الرباط يتذكرون واحدة من هذه السيارات كان يملكها الدكتور رشدي فكار وهو استاذ علم اجتماع في كلية الآداب بالرباط. ظل فكار يتجول سنوات طويلة بسيارته سوداء اللون التي يعود تاريخ تصنيعها الى مطلع الخمسينات الى حين وفاته قبل اربع سنوات.

وكانت قد عرضت سيارة «تحفة» حقيقية قبل ست سنوات في شارع ابوفارس المريني وسط الرباط وظلت لمدة طويلة تثير فضول المارة. كانت تلك السيارة من نوع «رينو» ولا يعرف حالياً من الذي اشتراها. وكان قد ألصق على زجاجها الخلفي ورقة كتب عليها بالفرنسية عبارة «هذه السيارة للبيع لهواة جمع السيارات القديمة. (سيارة رينو موديل 1956)». ووضع إلى جانب هذا الإعلان رقم هاتف يمكن الاتصال به من طرف الراغبين في الشراء.

ويقول سيف الدين الشناوي، صاحب السيارة، انه أشترى تلك السيارة، وهي من نوع «رونو دومين» من أحد المعمرين الفرنسيين الذين غادروا المغرب بعد الاستقلال، وكان هذا المعمر يملك ضيعة في ضواحي الرباط.

ويقول الشناوي إنه ظل يطلب مبلغ 80 ألف درهم (حوالي ثمانية آلاف دولار) ثمناً لسيارته.

وأوضح الشناوي، الذي يعمل موظفاً في الرباط، ان هذا الموديل من السيارات انقرض لان شركة رينو الفرنسية كانت قد أنتجت عدداً محدوداً منه في أواسط الخمسينات، مشيراً إلى انه توجد سيارتان من نفس الموديل في مرآب القصر الملكي في الرباط كان تم اقتناؤهما كذلك خلال تلك الفترة. ويذكر ان عدداً من السيارات العتيقة يعود تاريخ إنتاجها إلى بدايات هذا القرن كانت عرضت في معرض بالدار البيضاء ويبلغ عددها حوالي مائة سيارة، وكانت «الجمعية الملكية المغربية للسيارات العتيقة» التي تأسست في الدار البيضاء عام 1990، قد طالبت في رسالة نشرتها بعض الصحف المحلية من وزارة المالية إعفاء هذه السيارات من الضريبة السنوية حتى يتسنى لأصحابها الاحتفاظ بها.

ويشار الى ان القوانين الضريبية في المغرب كانت تعفي السيارات التي يتجاوز عمرها 25 سنة من الضريبة السنوية، لكن هذا القانون تم تعديله واصبح أصحاب جميع السيارات مطالبين بأداء ضريبة سنوية بغض النظر عن عمر السيارة.