شاب لبناني معتقل في أميركا بدون محاكمة ولا ترحيل.. ما قصته؟

عائلة أبو زيد تروي لـ«الشرق الأوسط» معاناتها وضياعها في متاهة الانتظار

TT

حمل اللبناني رفيق ابو زيد احلامه الى كاليفورنيا في الولايات المتحدة، صيف 1988 ليبني مستقبله، لكنه بعد 15 عاماً وجد نفسه في سجن اميركي. كيف حدث ذلك؟ عائلة رفيق ابو زيد روت لـ «الشرق الأوسط» الحكاية.

يقول والده مارون ابو زيد: «هرب ابني من اتون الحرب اللبنانية التي حولت آنذاك الحياة الى جحيم، ولأنه لم يكن يحب الأحزاب ولا يرغب في الدخول في لعبة الغاء الآخر، هاجر بحثا عن حياة لائقة. وبعد 15 عاماً وجد نفسه في سجن اميركي، لأن أوراقه غير شرعية، فهو لم يستطع الحصول على بطاقة الاقامة الدائمة والعمل (غرين كارد) رغم المبالغ الطائلة التي دفعها للمحامين، ورغم عدم ارتكابه اي مخالفة طوال مدة اقامته هناك»، مضيفاً ان ابنه «اوقف في 20 يوليو (تموز) 2003 واودع في احد سجون بوسطن ولم يحاكم. ولا يستطيع احد ان يقول لنا ما هو وضعه الحالي، ولماذا لم يرحَّل ما دامت السلطات الأميركية لا ترغب في وجوده على اراضيها».

ورفيق الذي يقارب الـ 39 عاما من عمره ليس حالة فريدة في سجنه، كما يشير مارون «اذ ان ثلاثين لبنانياً غيره اوقفوا، ومصيرهم يشبه مصيره. وقد تولى رفاق له لبنانيون تزويدنا بالمعلومات عن وضعه ومساعدتنا للحديث اليه عبر وسائل هاتفية معقدة، لأن الاتصالات الى خارج الولايات المتحدة ممنوعة عنه وعن غيره من الأجانب في السجن». وعن كيفية القاء القبض عليه يقول الوالد: «كان يركن شاحنته في الموقف عندما استوقفته دورية شرطة وطلبت اوراقه، فتبين لعناصرها ان اوراق اقامته غير مكتمل». وهو اليوم مسجون في:

Ply County Correctional facility وتؤكد شقيقته وردة ان شقيقها «لم يرتكب اي مخالفة او جريمة، فقضية اقامته مسجلة في الدوائر الرسمية. واليوم بعد سجنه قيل لنا انه سيرحل بعد ستة اشهر. ومرت ثمانية، ولا نفهم لماذا لم يرّحل، كما هي الاجراءات المعهودة في مثل هذه الحالة. قيل لنا ان الدول حيث يجب ان تهبط في مطاراتها الطائرة التي تقله رفضت منحه تأشيرة المرور (الترانزيت)». وتتساءل وردة عن الوسائل التي يجب ان تتبعها السلطات اللبنانية مع السلطات الأميركية للافراج عن رفيق وترحيله الى بلاده.

ويعود الوالد الى التدخل ليقول انه تلقى اتصالاً من دائرة الأمن العام في مدينة جزين في الجنوب اللبناني للتعرف الى صورة ابنه بغية استصدار جواز سفر له بناء على مراسلة من سفارة لبنان في واشنطن. فذهب الى اقرب مركز للأمن العام حيث يقيم في منطقة الجديدة (شرق بيروت) واستصدر جواز السفر واخرج قيداً جديداً، وتولت دائرة الأمن العام ارساله الى واشنطن، ثم تسلمه رفيق في السجن كما ابلغه في آخر اتصال معه قبل حوالي الشهر، لكن ذلك لم يسفر عن اي تغيير.

ويعرب الاب عن خوفه من حصول سوء لابنه فيقول: «كثير من اقاربي هاجروا وفقدنا آثارهم، ثم علمنا بعد فترة بموتهم في الغربة. وانا اخاف على ابني الذي هرب من الحرب والخطر والفقر فقصد الأرض الأميركية ليعيش ميسوراً. وقد نصحته ان يتزوج فتاة اميركية ويحصل على الجنسية، لكنه رفض. وهو كان حصل على تأشيرته عام 1988 من السفارة الأميركية في دمشق من دون وسائل. سألته الموظفة: انت تريد الهجرة لتتزوج اميركية وتحصل على الاقامة، لكنه اجابها: اريد ان اسافر واتعلم واعمل. رفيق لا يجيد الكذب». وتقول الدة رفيق «كان يهاتفني كل يوم احد قبل القاء القبض عليه. وكان يرسل المال اللازم لتكاليف علاجي. اخاف ان اخسره، لا سيما انني فقدت ثلاثة من اولادي، توفاهم الله». وتسأل شقيقته وردة عن الجهة التي يمكن ان تساعد عائلتها لاستعادة شقيقها. وتقول انها طلبت موعداً من نائب رئيس مجلس الوزراء عصام فارس نظراً لعلاقته الجيدة مع الاميركيين، لكن مكتبه رفض طلبها دون ايضاح «السبب، كذلك كان شقيقها المسجون طلب مقابلة سفير لبنان في واشنطن فريد عبود. وقد تمت المقابلة لكن شيئاً لم يتغير.