لم يحدث أن ظهر أحد فراعنة مصر القديمة بوجهه الأمامي في أي أثر اكتشفته بعثات البحث والتنقيب منذ مئات السنين حتى الآن، إلا في التماثيل، وهي بالمئات في المتاحف، لكن بعثة تنقيب عن الآثار إسبانية اكتشفت قبل يومين في منطقة الأقصر بالجنوب المصري، ما يمكن وصفه بأول رسم للوجه الأمامي لفرعون مصري، بل لأهم فراعنة مصر على الإطلاق، وهو تحوتمس الثالث، أو الرجل الذي أسس امبراطورية مصرية امتدت رقعتها من الفرات إلى النيل في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، أي قبل أكثر من 3 آلاف و500 عام.
البعثة أعلنت عن اكتشافها أمس، عبر المشرف عليها خوسيه مانويل غالان، الذي يقود في مصر الآن ثالث بعثة إسبانية للتنقيب عن الآثار هناك، فقد ذكر أنه عثر على لوحة خشبية رسمها فنان مصري قبل 35 قرنا لتحوتمس الثالث، أو ربما يكون الرسم لوجه الملكة حتشبسوت، زوجة والد باني الامبراطورية المصرية، وهو ما يراه عالم المصريات الباحث أحمد عثمان «اكتشافا مهما، لأننا لم نر قبل الآن وجها أماميا لأي فرعون مصري إلا في التماثيل»، بحسب تعبيره عبر الهاتف.
وقال عثمان، المقيم منذ 40 سنة في لندن، إن العثور على هذه اللوحة يكشف عن ظاهرة مهمة «تبين أن الثورة الفنية التي ظهرت أيام أخناتون، الحفيد الأكبر لتحوتمس الثالث، لها جذور من زمن جده باني الامبراطورية»، على حد تعبيره.
ويظهر الرسم الوجه الأمامي للفرعون مرسوما بأداة حادة استخدم معها الرسام حبرا أو مادة كالجص اللزج ملونة بالسواد على لوح من الخشب عرضه 31 بارتفاع 50 سنتمترا «ربما ليرى الرسم نحات آخر ويستخدم الصورة كنموذج لتمثال رغب بنحته من الصخر للفرعون المصري«كما قال غالان في بيان بثته أمس الأول وكالة الأنباء الإسبانية (إفي) واعتبرت عثوره على اللوح أحد الاكتشافات المهمة في حقل الأثريات المصرية.
وقال غالان إنه عثر على اللوح أثناء حفريات كانت تقوم بها بعثته في مقبرتين ضمتا بقايا موظفتين كبيرتين في قصر الملكة حتشبسوت، هما هيري ودجيهوتي، وعثر في الموقع على رسمين لهما هناك أيضا. وقال إنه متفائل بالعثور على دفائن أخرى نادرة في المكان الواقع في منطقة دير أبو النجا، حيث عثر عالم المصريات الراحل هوارد كارتر على ضريح الفرعون الراحل بعمر 19 سنة، توت عنخ آمون، واعتبر اكتشافه قبل أكثر من 100 عام أهم كشف أثرى مصري.