جورج شحادة غاب نصف قرن ليعود معرباً إلى مهرجانات بعلبك

TT

عاد الأديب اللبناني الفرنكوفوني جورج شحادة إلى قلعة بعلبك الأثرية بعد نصف قرن من الغياب ولليلتين متتاليتين من خلال مسرحيته الجميلة «مهاجر بريسبان»، حيث أنهت عروضها يوم أمس، لتؤكد أن المسرح يمكنه أن يجذب الجماهير، وأن الأدب ليس حكراً على النخبة.

وكانت هذه المسرحية، التي عرضت في المكان نفسه عام 1965 باللغة الفرنسية (التي كتبت فيها)، عادت هذه المرة بعربية تمزج بين الفصحى والعامية، بليونة وديناميكية.

وما بين شاعرية العبارات وفلسفيتها، والمسرح الذي وجد مكانه بين معبدي «باخوس» و«جوبيتر»، والأعمدة الشاهقة الضخمة التي تجعل كل وجود للإنس قزما انتفضت شخوص شحادة غاضبة ساخرة وعبثية، وبليغة اللسان والحضور. صحيح أن المخرج نبيل الأظن فوت على العمل فرصاً كان يستحقها بسبب استسلامه لجمال الكلام وروعته، لكن الشاعر عيسى مخلوف الذي عرّب النصّ أثبت للفرنكوفونيين الذين توقعوا هبوط المستوى، عند انتقاله إلى لغة الضاد أن بمقدور الفصحى والعامية معاً أن يتوالفا ليخلقا بلاغة لا تقل جنوناً وجنوحاً عن تلك التي عرفناها في فرنسية شحادة.

و«مهاجر بريسبان» هي آخر المسرحيات التي كتبها الشاعر شحادة، ويحكي فيها قصة المهاجر الذي يعود من بريسبان في استراليا إلى قريته بلفينتو في صقلية بعد غياب ليبحث عن ابنه ويورثه حقيبة النقود التي أحضرها معه. وبما أن المهاجر يقضي منذ الليلة الأولى فإن سره يذهب معه ويدبّ الشك والخلاف بين أزواج القرية حيث يتهم كل زوجته بأنها أم الولد . وتختلط المشاعر والرغبات حتى يقدم أحدهم على قتل زوجته متهماً إياها بالخيانة رغبة في الإرث. لكن من مهازل الأقدار ان يتبين للمتفرج في ما بعد، أن المهاجر كان يقصد قرية أخرى وأنه وصل خطأ إلى «بلفنتو».