آثار حزينة ومستمرة لحب جمع بين طبيب ألماني وفتاة أفريقية مطلع القرن الماضي

ابنه الأبيض اهتدى لأخيه الأفريقي فوصل بعد ساعات من وفاته

TT

ميونيخ ـ د.ب.أ: لمدة تقرب من 15 عاما وغيرسون ليبل يخوض معركة قانونية ضارية مع السلطات الألمانية. وفي كل يوم يتوقع أن تقوم تلك السلطات بطرده خارج البلاد. وغيرسون ليبل ولد في توغو، المحمية الألمانية السابقة المطلة على الساحل الغربي الأفريقي قبل 42 عاما، ووصل إلى ميونيخ عام 1991 لإجراء اتصالات «مع أقارب والتقدم بطلب للحصول على الجنسية الألمانية» على أساس أنه حفيد طبيب ألماني متوفى يدعى فريتز ليبل كان قد عمل في توغو مطلع القرن الماضي.

وتعود القصة المحيطة بالطلب إلى عهد القيصر فيلهلم الثاني عندما توجه الدكتور ليبل، المتخصص الألماني في الأمراض الاستوائية، إلى توغو عام 1908 للعمل بمستشفى «نايتنغيل». وأثناء وجوده هناك وقع في غرام ابنة زعيم قبيلة أفريقية محلية أثمر عام 1910 ابنا سماه «يوهان». وجرى الزواج وفق الحقوق الأفريقية، لكن السلطات الألمانية تؤكد أن الزواج لم يتأكد وفق القانون الألماني الخاص بالمستعمرات آنذاك.

وخوفا من تحول أمر غرامه في توغو إلى فضيحة في بلاده كتب دكتور ليبل إلى أمه في ألمانيا يقول «لا تنزعجي فلن أعود ومعي زوجة ملونة. المراسم مجرد إجراء شكلي لن يكون له أية دلالة».

وعندما عاد في نهاية الأمر إلى ألمانيا ترك عروسه وابنه في توغو. وبعدها بخمس سنوات تزوج من امرأة ألمانية أنجب منها أيضا ابنا هو ليبل الصغير. وفي ميونيخ صار متخصصا في الأمراض الاستوائية مثل أبيه.

وكان بالإمكان ألا يخرج موضوع الحب الذي ربط بين الطبيب وعروسه التوغولية إلى النور لولا أن ابنه المفتون بقصص حياته في توغو طار إلى لومي عام 1973 آخذا معه صورا لأبيه كان يحتفظ بها، ومنها واحدة لسيدة أفريقية جميلة مع ابنها الصغير.

وأثناء الرحلة تجاذب الدكتور ليبل الصغير أطراف الحديث مع دبلوماسي أفريقي يدعى بي جي منزه، كان عائدا إلى بلاده من سفارة توغو في بون. وقال المبعوث «يا لها من مصادفة. إنني أعرف شخصا باسم يوهان ليبل يعيش في لومي وهو أيضا يعمل في أحد المستشفيات».

وفي غضون ساعتين من هبوط الطائرة زار فريتز ليبل الصغير منزل يوهان ليبل حيث علم أن الشخص الذي جاء لرؤيته قد مات في وقت سابق من اليوم نفسه بعد مرض طويل.

كرر فريتز اعتذاره كثيرا لأرملة يوهان وأطفاله الخمسة. وعندما هم بالانصراف أصابته دهشة مذهلة بعد أن وقعت عيناه على صورة معلقة على الحائط في حجرة المعيشة. كانت الصورة نسخة طبق الأصل من الصورة التي كان يحتفظ بها والده حتى وفاته عام 1964 وكانت لامرأة أفريقية وزوجها. وفي لحظة أدرك أن الشخص الذي مات في ذلك اليوم هو أخوه غير الشقيق. وبعدها أظهر فريتز ليبل الصغير اهتماما حقيقيا بتوغو ووعد بمساعدة الفرع الأفريقي للعائلة على قدر إمكانه. وكان بالفعل يبعث إليهم بالخطابات والأموال من ألمانيا. وكان يخطط لإقامة مستشفى في لومي، ولكن القدر لم يسعفه، فقد مرض ثم وافته المنية بعد ذلك.

ولا يزال غيرسون ليبل يتذكر تماما اليوم الذي زار فيه الدكتور (عمه فريتز ليبل) بيته عام 1973. ويقول إن هذا ما حفزه بعدها بسنوات للسفر إلى ميونيخ عام 1991 وبدء محاولته للحصول على الجنسية الألمانية.

لكن حلمه بالاستقرار بسعادة في ألمانيا لم يتحقق البتة. فقد دأبت السلطات الألمانية على رفض طلباته بالحصول على الجنسية الألمانية، متعللة بأن أباه الراحل يوهان ليبل لم يحصل قط على الجنسية الألمانية ولا حتى تأهل لها بموجب قانون «الاحتلال» القائم وقتها كونه طفلا غير شرعي.