نظام إنذار مبكر من موجات «تسونامي» يحاكي لغة الدلافين

أول تقنية لنقل المعلومات من قاع البحر إلى القمر الصناعي

TT

تمكن العلماء الألمان في الماضي، خلال محاكاة الأخاديد الطبيعية على جلد سمك القرش، من صناعة أغلفة مراكب وغواصات وبدلات سباحة للرياضيين تقلل الاحتكاك بالماء وترتفع بالإنسان إلى سرعات لم يعرفها من قبل داخل الماء. وجاء اليوم دور الحيوانات اللبونة المسالمة، الدلافين، كي تضع أنظمتها الطبيعية تحت تصرف الإنسان. وأخيرا نجح الباحث رودولف باناش، الحائز جائزة العلوم الألمانية لقاء أبحاثه في مجال «الأنظمة التي تحاكي الطبيعة»، في محاكاة أصوات الدلافين لصناعة نظام إنذار مبكر من الهزات الأرضية تحت الأرض وما يرافقها من كوارث. كما نجح زميله كريستوف باوم في الكشف عن انزيم خاص ينظف جلد الدلفين من العوالق والفطريات والكائنات البحرية وينوي استخدامه لطلاء السفن وتخليصها من ظاهرة التآكل بسبب تراكم الكائنات البحرية الصغيرة.

وذكر الباحثان رودولف باناش وقسطنطين كيبكال، من معهد ايفولوجيكز التابع لجامعة برلين التقنية، أنهما نجحا في اختراع أول «مودم» من نوعه لنقل المعلومات الإلكترونية عبر مياه البحر المالحة. ويقلد الجهاز «الصوتي المائي» طريقة الدلافين في الاتصال ببعضها بموجات فوق صوتية وعبر مسافات تمتد إلى 8 كلم تفصل بينها. ومعروف أن بث المعلومات والصور لاسلكيا بدقة عبر المياه المالحة متعذر حتى الآن، لأن الملوحة تشوش المعلومات، كما أن الموجات الصوتية ترتد عن الصخور والأجسام السابحة، وعن سطح البحر أيضا، وتتبعثر وتفقد الكثير من طاقتها. وهذا يجري، حسب باناش، كما هي الحال عند اطلاق التوجيهات للمسافرين من عدة مكبرات صوتية في آن واحد في محطة القطار، إذا ستبتلع الموجات بعضها ولا يصل سماع المسافر غير كلمات قليلة غير مفهومة.

وأكد باناش أن «المودم الدولفيني» نجح في نقل المعلومات الإلكترونية لاسلكيا بدون تشويش، وبنوعية عالية، من عمق كيلومترين وبسرعة 33 كيلوبت / ثانية ، أي نصف سرعة نظام ISDN للشبكات الرقمية. وينكب العالمان حاليا على تطوير الجهاز وزيادة كفاءته في العمل تحت أعماق سحيقة داخل مياه المحيطات. وستتم تجربة الجهاز في اكتوبر (تشرين الأول) المقبل بالقرب من اندونيسيا على عمق 5 كيلومترات. وستتولى مجسات بيولوجية وأجهزة استشعار حرارة وأخرى لاستشعار الضغط وكاميرات رقمية سريعة مهمة تسجيل المعلومات عن حركة طبقات الأرض والتغيرات في قاع البحر ليقوم «المودم» بمهمة بثها إلى باخرة على السطح أو إلى «عوامة» غير مأهولة على البحر تقوم ببث المعلومات مرة أخرى إلى القمر الصناعي. ويعول العلماء على النظام في التحذير المبكر من الكوارث الطبيعية الشبيهة بتسنوامي التي ضربت المنطقة قبل عدة أشهر.

ويكمن سر «المودم» في أنه لا يستخدم الموجات الثابتة في بثه وإنما نفس الموجات فوق الصوتية المتغيرة التي يرسلها الدولفين. فأجهزة الاتصالات تحت الماء تستخدم الموجات الثابتة فيما بينها ، في حين أن الدلافين تتصل ببعضها من مسافات طويلة لأنها تتغلب على ملوحة البحر وعلى الحواجز الطبيعية التي تعرقل سير الموجات الصوتية، عن طريق بث الموجات فوق الصوتية المتغيرة الذبذبة. فـ«المودم الدولفيني» عبارة عن «دولفين صغير»، حسب تعبير باناش، يرسل موجاته الصوتية المتغيرة بترددات تتراوح بين 7 و 200 كيلوهرتز وينقل الصور والمعلومات والرسائل (الفاكس) بشكل واضح تماما.