إيطاليا: بائع زهور سابق يحلم بجعل قريته إمارة

حلم الأمير.. إمارة لا أكثر

TT

سيبورجا (ايطاليا) ـ رويترز: من المألوف حاليا أن يتتبع السياح رجلا إيطاليا هو جورجي كاربوني بينما يعبر ميدانا في قرية سيبورجا بشمال ايطاليا.. وجميعهم يريدون الحصول على صور من هذا الرجل الغريب بلحيته التي خطها الشيب وعينيه اللتين نال منهما التعب وحلته البسيطة.

ذلك لأن كاربوني هو في الحقيقة «الأمير جورجي الأول أمير سيبورجا الذي كان بائع زهور سابقا كرس نفسه من أجل قضية استقلال قريته التي نشأت خلال العصور الوسطى».

وتقع قرية سيبورجا على شاطىء الريفيرا الإيطالية، وتحتوي على ميادين وشوارع ضيقة تمر متعرجة أسفل برج مهيب.

لكن لافتة تقول «مرحبا في امارة سيبورجا» وأعلاما بخطوط زرقاء وبيضاء ترفرف على مبانيها تميزها عن القرى الأخرى التي تمثل خطا حدوديا على الشاطىء بين جنوى والحدود الفرنسية.

وقال كاربوني، الذي يلهب أحاديثه بالقسم مما يصيب السائحين بالخجل واكسبه لقب «عظمتكم» احتراما بين القرويين: إننا أقدم امارة في العالم.

وتعتقد سيبورجا أن تاريخ استقلالها يعود إلى عام 954 عندما أعطى كونت منطقة فينتيميليا المجاروة تلك الأرض لرهبان بينيدكت الذين اقاموا عليها دولة مسيحية ذات سيادة.

ويقول مؤرخون محليون إنه عندما باع الرهبان سيبورجا إلى ملك سافوي وسردينيا في عام 1729 لم يتم تسجيل الصفقة. ومنذ ذلك الحين ظلت سيبورجا خارج السجلات التاريخية بما في ذلك خطوات توحيد ايطاليا في عام 1861 وانشاء الجمهورية الايطالية في عام 1946.

واقنعت سنوات البحث التي قضاها كاربوني في تاريخ سيبورجا القرويين بانتخابه اميرا في عام 1963. ورغم افتقاره الى الدم الملكي ووسائله الفظة فإن اخلاص كاربوني لقضيته جعله خيارا طبيعيا.

وطموحات سيبورجا تجد لها صدى في سلسلة من الامارات الصغيرة عبر اوروبا. وعلى الجانب الآخر مباشرة من الشاطئ الايطالي قبالة القرية توجد إمارة موناكو التي تحكمها سلالة غريمالدي على مدى أكثر من سبعة قرون. وهناك أيضا اندورا المحصورة بعيدا على الحدود بين فرنسا واسبانيا ودولة ليختنيشتاين الواقعة في جبال الألب.

ويعتقد كاربوني ان قريته مستقلة مثل موناكو. وقال بينما كان يحتسي نبيذا محليا في احدى الحانات «كنا دائما مستقلين. لسنا بحاجة الى اعتراف أي دولة أخرى بنا. انها (الدول الاخرى) ينبغي ان تحصل على اعتراف سيبورجا». وأضاف الرجل البالغ من العمر 69 عاما أن ايطاليا لم تجاهر أبدا برفض مزاعم استقلال سيبورجا. كما يعتقد هو ايضا ان الفاتيكان يدعم القرية ضمنا رغم الصمت الرسمي.

وقال بصوت عال «اننا نريد ان ندير أمور وطننا. لا نريد ان نكون جزءا من الاتحاد السياسي أو النقدي الأوروبي. نريد أن نكون جزيرة هادئة وسعيدة في اوروبا التي تورطت في عولمة لا تفعل شيئا سوى اشعال الثورات».

ولا يعتزم جورجي الاول القيام بثورة. وتتلخص مهمته في انشاء دولة خالية من الجريمة والفساد وغيرهما من الرذائل وليس منع سكان سيبورجا البالغ عددهم 300 شخص من دفع الضرائب الى ايطاليا او التصويت في البرلمان القومي.

ومع ذلك فسيبورجا لها حاليا دستورها الخاص وحكومتها وبرلمانها ومحكمتها. وتقوم بصك عملتها الخاصة التي اطلقت عليها اسم «لويجينو»، وثبتت قيمتها عند ستة دولارات حيث يتم تداولها داخل حدود الامارة الى جانب اليورو. وتصدر سيبورجا أيضا جوازات سفر ولوحات بأرقام السيارات وهي أيضا سارية داخل حدودها فقط.

وقال رئيس بلدية القرية فرانكو فولياريني إن تدفق الزائرين الفضوليين على سيبورجا تزايد خلال السنوات العشر الماضية مع انتشار دعاوى الاستقلال. وأضاف «القصة كلها بدأت مثل اللعبة»، وتذكر انه بينما كان صبيا اعتاد هو وأصدقاؤه على ارتداء ملابس العصور الوسطى وكانوا يقومون بوضع حواجز على الطريق المؤدي الى القرية ويصدرون تصاريح خاصة للسياح.

ويأمل رئيس البلدية حاليا ان تجذب قصة استقلال سيبورجا السياح وتدعم ميزانيتها وتخلق وظائف.

ووضع فولياريني في اعتباره أيضا فكرة الاستقلال المالي لكن امكانية الاستقلال الكامل لا تروق له. وقال «من الذي سيديرها. وكيف. انه شيء صعب وغير عملي». ويقول خبراء في القانون الدولي ان دعاوى سيبورجا بالاستقلال غير سليمة لانها لا تمارس سلطة دولة على ارضها في منطقة ليجوريا.

وشكك المؤرخ المحلي ماركو كاسيني في ان يكون سكان سيبورجا يرغبون في الحصول على استقلال حقيقي بأي حال. وقال «يتمتع سكان سيبورجا بكبرياء محلي قوي وروح مستقلة.. مثل غيرهم من الناس في جميع البلدات الصغيرة في ليجوريا... لديهم تاريخ فريد وكانوا بارعين بما فيه الكفاية في استغلاله لجذب السياح».