باحث فرنسي ينفي استعانة الفراعنة بعبيد في بناء أي منشآت

رمسيس: أيها العمال المتميزون أنتم المقاتلون الذين لا يعرفون الكلل

TT

القاهرة ـ رويترز: استبعد باحث فرنسي استعانة الفراعنة في مصر القديمة بعبيد في تشييد أي منشآت، مشيرا الى وجود ضوابط قانونية لحماية المهنيين العاملين في أعمال البناء كما كانت تجمعهم رابطة أقرب الى النقابات المهنية الحالية.

وقال روبير جاك تيبو في «موسوعة الأساطير والرموز الفرعونية»، انه «على عكس تلك الآراء والأفكار التي سادت وانتشرت منذ قرون ربما للتقليل من شأن الحضارة المصرية لم تستعن مصر الفرعونية أبدا بعبيد في بناء معابدها أو منشآتها الملكية». وصدر الكتاب الذي ترجمته المصرية فاطمة عبد الله محمود ضمن سلسلة المشروع القومي للترجمة عن المجلس الاعلى للثقافة بالقاهرة ويقع في 376 صفحة من القطع الكبير.

وتعد الاهرام أشهر ما تركه الفراعنة من منشآت، ولا تزال تشكل ما يشبه الاعجاز في فن العمارة. وأوضح تيبو وهو من أبرز علماء المصريات أن من بين تعريفات الهرم أنه «بيت الاله». ونفى أن يكون الهدف من بناء أهرام الجيزة الثلاثة هو «تمجيد أو تعظيم ملك ما أو مملكة كبرى. بل هي أنشودة أو ترنيمة ما تجسد فوق الارض مقدرة وروعة الاله خالق الكون... بل هي تمجيد وإجلال للحياة والمعرفة التي يوفرها هذا الاله». واتهمت بعض الافلام الأميركية بناة الاهرام بتسخير اليهود في بنائها ومن أبرز هذه النماذج الفيلم الروائي الطويل «الوصايا العشر»، الذي أخرجه لأول مرة عام 1923 المخرج الأميركي الشهير سيسل دي ميل (1881 ـ 1959) ثم أعاد تقديمه عام 1956، واعتبر رمسيس الثاني فرعون الخروج. كما صور المخرج الأميركي ستيفن سبيلبرج في فيلمه الكارتوني «أمير من مصر» عام 1999 خروج اليهود من مصر نهاية الصراع بين النبي موسى ورمسيس الثاني الذي حكم البلاد 67 عاما (1304 ـ 1237 قبل الميلاد). في حين يرجع علماء الآثار بناء الاهرام الى الدولة القديمة وتحديدا الى الاسرة الفرعونية الرابعة (حوالي 2613 ـ 2494 قبل الميلاد) ومن ملوكها خوفو وجدف رع وخفرع ومنكاورع. أما رمسيس الثاني الذي ينتمي الى الدولة الفرعونية الحديثة فيعد ثالث ملوك الاسرة التاسعة عشرة (1320 ـ 1200 قبل الميلاد). وشدد تيبو في موسوعته على أن مصر القديمة «بالاحرى كانت تستعين بعمال على أعلى كفاءة يكونون ما يشبه الرابطة العمالية التي لا تختلف كثيرا عن النقابات الحالية. وكانوا يخضعون لنظم وقواعد صارمة فيما يتعلق بالنظام والانضباط، وبالتالي حال ذلك دون ممارسة أي ضغوط أو ظلم على المهنيين أو العمال الذين كانوا يحظون بالرعاية من خلال العديد من البنود القانونية لحمايتهم من التعسف وسوء استغلال السلطة».

وأضاف أن الملك منكاورع الذي ينتمي الى الاسرة الرابعة عند إنشاء الهرم المعروف باسمه وينطق (منقرع) قدم شرطا وصفه الباحث بأنه مهم اذ ينص على «أن جلالته لا يريد أبدا أن يرغم انسان على الاشغال الشاقة. بل ليعمل كل فرد وفقا لرغبته ورضاه». وأشار الى وجود لوحة يوجه فيها رمسيس الثاني كلامه للعمال والحرفيين «تبدو أجمل تعبيرا وتوضيحا عن الاحترام والاعتبار الذي كان يوليه للعمال هذا الفرعون العظيم». ويقول رمسيس: «أيها العمال المتميزون.. أنتم المقاتلون الابطال الذين لا يعرفون الكلل أو التعب. أنتم يا من تؤدون الاعمال في قوة وفعالية. انني لن أبخل عليكم بخيراتي أبدا فسوف تنهمر عليكم الاغذية والمؤن وسأعمل بكل جهدي على توفير متطلباتكم وهكذا ستعملون من أجلي بقلوب مفعمة بالحب. انني الراعي والحامي لمهنكم».

وأشار المؤلف الى اكتشاف حوالي مائة مقبرة عام 1987 وهي خاصة بالعمال الذين ساهموا في بناء هرم خفرع «ويدل الاسلوب الذي نظمت هذه المقابر من خلاله على المكانة المرموقة التي كان ينعم بها هؤلاء العمال البناؤون بجوار الفرعون». وقال ان الملك كان يعتبر من خلال دوره الاجتماعي والسياسي والكهنوتي «كائنا مكتملا يرى فيه كل انسان هدفا لتحقيق أمانيه الشخصية. الفرعون هو من اختارته وتوجته الالهة وهو من خلال تاجه المزدوج كان يباشر عملية الترابط بين الالهة والبشر... ولا شك أن كل مصري كان يعتبر نفسه كجزء مكمل للملك. كل مواطن يملك في ذاته قدرا من الاله الذي يمثله الملك فوق الارض».