طعم النجاح.. حلو

حلويات ومشروبات عربية ارتبطت بمناسبات سعيدة.. أكاديميا واجتماعيا

TT

ثمة أمر يجمع بين فرحة النجاح في عدد من البلدان العربية، وهو تقديم نوع من الطعام أو الشراب الحلو للمدعوين لدى الاحتفال بالمناسبة. وفي منطقة بلاد الشام، جرت العادة على تقديم صنف من الحلويات العربية مثل الـ«بقلاوة»، غالبا ما يكون «الكنافة». ففي المناطق الفلسطينية والأردن، ارتبط مذاق الكنافة الـ«نابلسية» بفرحة النجاح في امتحانات التوجيهي والجامعة، وكذلك هو الحال في سورية ولبنان، مع اختلاف طريقة صنع الكنافة وتقديمها. وفي لبنان، تشتهر الكنافة بالكعك، حيث يدهن قالب مخصص للفرن بالسمن وتمد فيه الكنافة المفروكة وتكبّس باليدين حتى تصبح رقيقة ومتساوية السطح. يدخل القالب في الفرن على حرارة متوسطة لتخبز الكنافة مدة نصف ساعة حتى تحمر اطرافها. تذوب الجبنة المقطعة والمحلاة في هذه الاثناء في قدر حتى تصبح كالمطاط، ثم ترفع عن النار وتسكب فوق الكنافة، ثم يقلب القالب على طبق اوسع مع توزيع نصف كمية القطر على الوجه. تقطع الكنافة الى مربعات وتقدم ساخنة مع القطر والكعك الى جانبها. لكن ذلك لا يعني أن تناول الحلويات العربية يقتصر على احتفالات النجاح فحسب، بل هي طبق يقدم كذلك في المناسبات العائلية والأعياد، وليس غريباً ان يتغنى امير الشعراء احمد شوقي بحلويات لبنان فيشبهها في احد الابيات بانها حلوة كثغر الحبيبة. لكن اللافت هو انقسام الأجيال الحديثة بين الكنافة والـ«كيك» (الكعكة)، ففيما تعتبر الأخيرة طريقة أكثر حداثة للاحتفال بالنسبة للبعض، يفضل البعض الحفاظ على تقليد عمره مئات السنين، فيما آخرون يقدمون الطبقين معا ويتركون الخيار للضيف. أما في مصر فلدى الاحتفال بالنجاح تنطلق على الفور أغنية المطرب عبد الحليم حافظ الشهيرة «الناجح يرفع أيده.. ويغني لعيدنا وعيده» وتدور أكواب وكؤوس «الشربات» - الشراب المصري الشهير الذي يقدم في هذه المناسبة. ويرتبط «الشربات»، الذي يعني الشراب حلو المذاق، كثير السكر، لدي المصريين بالأفراح، والمناسبات السعيدة، ورغم لجوء عدد من الأسر مؤخرا إلى توزيع زجاجات المياه الغازية «الكولا» في هذه المناسبات إلا أن الشربات مازال متربعا لطعمه المميز ولارتباطه بالوجدان الشعبي، خاصة في المناطق الشعبية.

ويباع الشربات في زجاجات بلاستيك مركزا، قبل أن تتم تسقيته في أناء كبير ممتلئ بالماء وتقليبه، وبعدها يتم توزيعه في أكواب زجاجية شفافة يبدو منها لون الشربات الأحمر المميز.

ففي عيد المولد تمتلئ الشوارع بباعة الحلوى بأنواعها، لكن الحلوى الأكثر تميزا هي «عروسه المولد»، وهي حلوى على هيئة عروسة أو حصان يمتطيه فارس، تباع للأطفال، على أن يلهوا بها قبل أن يأكلوها، كما تنتشر أيضا في احتفالات المولد ألوان أخرى من الحلوى، مثل السمسمية والحمصية والجوزية البسيمة والفولية والملبن المحشو بالمكسرات.

كما تصنع الحلوى على هيئة بعض لعب الأطفال التي تؤكل بعد انتهاء يوم المولد، وهي عروس المولد للبنات والحصان للأولاد، ويذكر المؤرخون أن الفاطميين هم أول من بدأ في صنع العروس من الحلوى في المولد، ولقد وصفها أحد الرحالة الإنجليز، وهو مارك جرس، الذي عاصر المولد النبوي في مصر، بأنها عروس متألقة الألوان توضع في صفوف متراصة وترتدي ثيابا شفافة كأنها عروس حقيقية. وذكر المقريزي أنها كانت تصنع من السكر على هيئة حلوى منقوشة وتجمل بالأصباغ، وتوضع يداها على خصرها وتزين بالأوراق الملونة والمراوح الملتصقة بظهرها.

أما الكنافة، فبالنسبة للمصريين تكون اكثر وجودا خلال شهر رمضان، حيث يحرص المصريون على تناول الكنافة في فترة ما بعد الإفطار، كوجبة حلوة المذاق وشهية الطعم وفي أثناء السهرة.

وينشئ العديد من الباعة افرانا خصيصا في الفترة التي تسبق شهر رمضان في الشارع لعمل الكنافة وبيعها، ومن الطريف أن هذه الأفران تختفي بعد شهر رمضان، لعدم الإقبال عليها، في حين تستمر محلات الحلوى في تقديم الكنافة، وان كانت لا تجد إقبالا كبيرا عليها.

ومن اشهر الأطعمة في رمضان القطايف وبلح الشام ولقمة القاضي، ويختلف الأمر قليلا في احتفالات المصريين، بعيد شم النسيم، الذي يقال انه عيد فرعوني يرتبط بالظواهر الفلكية، ويحتفل به في أول فصل الربيع، ويخرج فيه المحتفلون جماعات إلى الحدائق والحقول والمتنزهات ليكونوا في استقبال الشمس عند شروقها حاملين معهم أطعمتهم واشربتهم، التي يكون اشهرها وأهمها البيض.