صراع في مصر بين داري نشر للفوز بـ «أولاد حارتنا» الممنوعة .. وواحدة تهدد باللجوء للقضاء

انتقادات لطلب نجيب محفوظ موافقة الأزهر على نشر الرواية

TT

بعدما أنهى نجيب محفوظ ومحبوه أزمة النشر والصراع الذي نشب بين مكتبة مصر، ناشر محفوظ التاريخي، ودار «الشروق» التي وقع معها محفوظ حديثاً عقداً يعطيها الحق في نشر جميع أعماله، وتم التصالح بين الدارين أمس أمام القضاء، دخلت رواية «أولاد حارتنا» للكاتب حلبة أزمة جديدة بين «دار الهلال» الحكومية و«دار الشروق»، إذ قررت الأولى طبع الرواية في سلسلة «روايات الهلال» الشهرية، وهو ما يعتبر تعدياً على حقوق الملكية لدار الشروق، بناء على تعاقدها مع محفوظ، فيما أعرب عدد من المثقفين عن رفضهم لموقف الكاتب المتمثل في اشتراطه موافقة الأزهر قبل نشر روايته. وأعلن الكاتب مجدي الدقاق رئيس تحرير مجلة «دار الهلال»، التي تصدر عنها سلسلة روايات الهلال، إنه يقوم حالياً بطبع رواية «أولاد حارتنا» تضامناً من دار الهلال مع حق الشعب المصري في قراءة الرواية. وقال الدقاق لـ«الشرق الأوسط»، إنه يستغرب أن تطبع الرواية في لبنان وتهرب إلى مصر، من دون أن يكون للمصريين حق في قراءتها، رغم أن مبدعها الكبير يعيش بيننا ومن حق المصريين أن يقرأوا رواياته بعيداً عن هذا الشكل السري في طباعتها ونشرها.

وأضاف الدقاق، أنه على استعداد كامل لتحمل كل الإجراءات القانونية المترتبة على ذلك، وهو يعرف أن دار الشروق تملك حق نشر روايات محفوظ، لكنه وهو يتخذ قرار نشر «أولاد حارتنا» لم ينظر لمسألة الحقوق هذه، فقراره، على حد قوله، سياسي يتجاوز هذا المعنى لمعنى أكبر وأهم، وهو حق المصريين في التعرف على أدب نجيب محفوظ وحقهم في نشر أعماله، وهي خطوة الهدف منها مواجهة الذين يفرضون وصاية على الشعب المصري ويريدون أن يختاروا له ما يقرأ.

على الجانب الآخر قال أحمد الزيادي، مدير النشر في دار «الشروق» إنه علم بخبر طبع «أولاد حارتنا» في دار الهلال «من حوار على إحدى القنوات الفضائية. وقد أبلغنا نجيب محفوظ بذلك فأبدى استياءه الشديد من موقف دار الهلال، فهو يشترط موافقة الأزهر على طبع الرواية، وكان يريد أن يكتب مقدمة لها شيخ الأزهر نفسه، وعندما تعذر ذلك وافق على أن يكتب مقدمتها الدكتور أحمد كمال أبو المجد». وأضاف الزيادي، وبناء على هذا نحتفظ بحقنا في اللجوء إلى القضاء لوقف طبع الهلال للرواية.

واعرب عدد من المثقفين المصريين عن رفضهم لموقف محفوظ الحائز جائزة نوبل للآداب المتمثل في اشتراطه موافقة الأزهر قبل نشر روايته «أولاد حارتنا» في كتاب في مصر بعد 47 عاما على منعها. وكما نقلت الوكالة الفرنسية للأنباء أمس عن أحد ابرز المقربين من محفوظ الروائي يوسف القعيد، فإن محفوظ اشترط «أن يوافق الأزهر على نشر الرواية، وثانيا أن يكتب أحد المقربين من جماعة الاخوان المسلمين مقدمة لروايته».

واشار إلى اعتقاده بأن مطالبة محفوظ بهذين الشرطين تعود إلى «محاولة تبرئة ساحته من الموقف الذي أثاره علماء الأزهر في شهر سبتمبر (ايلول) من عام 1959 عند بدء نشر الرواية في صحيفة «الأهرام» على مدار ثلاثة أشهر ومطالبتهم بوقف نشر الرواية وعدم نشرها في كتاب».

وقال الروائي جمال الغيطاني، إنه «ليس من حق دار الهلال أن تقوم بطبع كتاب بدون موافقة صاحبه، وليس لها حق الاعتداء على حقوق مؤلف باع كتابه إلى جهة أخرى لتولي نشره»، بحسب قول الغيطاني.

إلا أنهم اتفقوا، ومن بينهم المقربون من محفوظ، مثل الغيطاني والقعيد على أن «مطالبة نجيب محفوظ برقابة الأزهر تضع سابقة خطيرة، إذ تعطي الأزهر حقا في الرقابة على الابداع بما يخالف موقف المثقفين المصريين، خصوصا أن لائحة الأزهر نفسه تؤكد ألا حق له في المصادرة أو الموافقة إلا بناء على طلب من جهة ما»، كما أكد القعيد.