ستالين لا يجد أدنى تعاطف.. حتى من ابنته

تصور كيف دمّر أفراد الأسرة وأبعد عنها حبيبها الأول

TT

حين انتحرت أمها، وهي دون العاشرة، قرر أبوها ان يمنحها رسميا لقب «ربة البيت». وكان يطلب منها ان ترسل له، كل يوم، أوامرها وطلباتها عبر البريد، ويرد عليها بعبارة «سمعا وطاعة». لكن سفيتلانا هاليلوييفا، الطفلة التي ولدت في احضان السلطة، وكانت تقف الى جوار ابيها في المنصة لتحيي الجماهير، اكتشفت في سن المراهقة أن الأب ستالين زعيم قاس، وان افراد اسرته لم ينجوا من قسوته. تعيش ابنة ستالين، اليوم، حياة بسيطة في دار للعجزة بولاية ويسكونسن الأميركية تحت اسم «لانا بتيرز». وفي عزلتها، استقبلت العجوز الثمانينية المؤرخة الألمانية مارتا شاد وباحت لها بذكريات ثمانين حولا من حياة مضطربة تخللها عشاق كثيرون وعدة أزواج، بينهم الروسي والهندي والأميركي. صدرت المذكرات قبل عدة أيام في باريس، عن منشورات «آرشبيل» بعنوان «ابنة ستالين من الكرملين الى نيويورك». وفيها تروي سفيتلانا التي يعني اسمها بالروسية «النور الخافت»، كيف ان اباها دمر افراد الأسرة واحدا بعد الآخر، بالقتل والإقصاء، وارسل حبيبها الاول الى معسكرات العمل الإجباري، كما ارسل والديه الى هناك «لانهما يعرفان عنه الكثير ويثرثران كثيرا». تقول: «لم يكن يرفض لي طلبا، وكنت اتعلق بعنقه طوال الوقت، ويغمرني بالقبلات ويمتدحني ويعطيني افضل قطع اللحم على المائدة». وفي عيد ميلادها العاشر اهداها نسخة من كتاب عن تاريخ الحزب الشيوعي السوفياتي، وهو كتاب ساهم ستالين في كتابة احد فصوله ثم ادعى لنفسه تأليف الكتاب كله. لكن البنت وجدت الكتاب مضجرا فزعل منها ابوها لانه كان يعتبر ذلك الكتاب سيرته الشخصية، باعتباره وريث لينين والرجل الذي تربع على الحكم لثلاثة عقود، في موسكو. بعد جنازة ابيها في ربيع 1953، تخلت سفيتلانا طوعا عن البيت الريفي «الداتشا» الذي كان مخصصا لها وعن المرتب الشهري البالغ اربعة آلاف روبل. ولما كبر ولداها وأوشكا على التخرج من كلية الطب، كتبت ابنة ستالين رسالة الى رئيس مجلس الوزراء آنذاك، أليكسي كوسيغين، تشكره فيها على الامتيازات التي ظلت تتمتع بها، وتعلن تنازلها عنها. وكان من بين تلك الامتيازات تناول الطعام مجانا في مجمع رئاسة الوزارة، واستخدام سيارات الدولة، والعلاج المجاني لدى طبيب مرموق، وخياطة ثيابها على مقاسها لدى خياط خاص.

وفي عام 1957 قررت سفيتلانا التخلي عن حمل لقب ابيها، مستبدلة اياه بلقب والدتها، هاليلولييفا. وهي تقول: «لم اعد قادرة على حمل ذلك الاسم، ان رنينه المعدني يؤذي سمعي ويؤلم قلبي. ان اسم ستالين يدل على الحزب اكثر مما يدل على العائلة».

وبعد ان جرح ابوها قلبها بإبعاد حبيبها الأول، تزوجت سفيتلانا ثلاث مرات من مواطنين لها، ثم رابعة من هندي يدعى براجيش سنغ، سليل اسرة من المهراجات، اعتنق الشيوعية واقام في موسكو. وبعد وفاة زوجها الهندي عام 1967، حصلت ابنة ستالين على اذن من المكتب السياسي للحزب بالسفر الى الهند لذر رماده في النهر المقدس. لكنها انتهزت الفرصة وانتقلت الى نيويورك لتصبح شخصية معروفة وتؤلف كتبا عن حياتها السابقة، وان كان يضايقها ان الاميركيين يتفحصون وجهها وكأنهم يبحثون فيه عن شوارب ستالين! ولما عادت سفيتلانا الى موسكو بمناسبة الذكرى الخمسين للانتصار على النازية، لم يحفل بها أحد، واضطرت إلى الاستنجاد بغورباتشوف لكي تحصل على إذن بمغادرة البلد الذي يقاوم اشباح الماضي.