باريس تشاهد أحمد زكي.. في آخر أدواره

«حليم» في أول عروضه الفرنسية

TT

منذ اللقطة الاولى التي يتماهى فيها الممثل احمد زكي بالمطرب عبد الحليم حافظ وهو يغني على المسرح، يمسك فيلم «حليم» لمخرجه شريف عرفة بتلابيب المشاهد، خصوصا انه يعرف ان البطل قد رحل ايضا، مثل حليم، بمرض قاتل انتزعه من جمهوره العريض وهو في اوج النضوج الفني.

شاهدنا الفيلم في عرض خاص اقيم مساء اول من امس في «صالة 13» في باريس العائدة للمخرج كلود ليلوش، وكان عدد المتفرجين لا يتجاوز اصابع اليدين، بينهم منتجه عماد الدين اديب والشاعر جمال بخيت والمطرب عمرو دياب والاعلامية هيام حموي. وقطعنا وعدا للمنتج ان لا نكتب حرفا قبل نزول الفيلم الى مهرجان «كان».

يتابع الفيلم حياة عبد الحليم شبانة، الشهير بعبد الحليم حافظ، منذ طفولته في ملجأ للايتام، وحتى وفاته اثر علاج في لندن من مرض اكل كبده. ولجأ المخرج الى اسلوب المقابلة الاذاعية الطويلة مع المطرب لكي يتوقف من خلال الاسئلة المطروحة عليه عند ابرز محطات حياته. لكن الاحداث لا تفصل بين سيرة عبد الحليم وبين ما مرت به مصر في تلك الفترة، بحيث رافقت السياسة الفن على امتداد العرض الذي بدا، في بعض مقاطعه، اشبه بالمراجعة لأخطاء الحقبة الناصرية التي كان حليم حنجرتها الغنائية.

وذات يوم سمع الطفل اليتيم ان المطرب عبد الوهاب يغني في بيت عمدة القرية، فصعد على الشجرة لكي يراه ويسمعه، وكاد يدق عنقه من شدة طربه بما يسمع. لكنه عندما قرر احتراف الغناء ووقف ليغني «صافيني مرة» في حفل عام، قاطعه الحضور بالصفير وطلبوا منه ان يغني مثل عبد الوهاب.

يتوقف الفيلم عند ثلاث علاقات عاطفية في حياة عبد الحليم حافظ، اولاها مع شابة كان يعطف عليها ويرعاها فتوهمت انه يحبها، والثانية مع النجمة سعاد حسني التي انتهت الى صداقة ودية بسبب ظروف كل منهما، والثالثة مع الشابة الارستقراطية جيهان العلايلي (قامت بالدور السورية سلاف فواخرجي) الذي رفضه اهلها لأنه «دون المقام». وكعادته، قام احمد زكي بمجهود جبار لكي ينهي تصوير دوره رغم آلام المرض الخبيث، وهو لم يحاول ان يتشبه بالمظهر الشكلي للشخصية كما فعل في فيلم «ناصر» و«السادات»، بل قام بدور الفنان الذي يسعد الناس وهو يعرف انه سيغادرهم قريبا. واذا كان هناك من اكتشاف في هذا الفيلم، فهو الوجه الجديد هيثم، نجل احمد زكي، الذي ادى دور حليم في اول شبابه. انه ممثل من خامة تختلف عن خامة ابيه، لكن لديه من العفوية واللطافة والقبول ما يرشحه لان يكون نجما مثل احمد زكي.

الاكتشاف الثاني هو للفنان القدير عزت ابو عوف في دور الموسيقار محمد عبد الوهاب. فلم يكن عزت يمثل، بل كان يلبس رداء شخصية عايشها وجالسها ويعرفها حق المعرفة. ورغم صغر الدور فإنه من اقوى ادواره وأروعها.

بقيت قضية اسقاط اخطاء الحقبة الناصرية على شخص عبد الحليم، وذلك من خلال الاسئلة التي يوجهها اليه المذيع في المقابلة الاذاعية المفترضة. ويرد حليم: «انت شايفني هيكل قدامك.. انا اولا وأخيرا فنان».

ويرفض ما يقوله له المذيع من انه غنى لشخص جمال، ويقول: «انا غنيت للبطل الذي قاد الامة لتحارب الاستعمار... غنيت لأول مصري يحكم مصر.. انه منا واسمه جمال».