المايسترو سينوبولي صاحب «عايدة» حتى «دعنا نغادر» ثم غادر!

TT

شيعت روما امس في احتفال رسمي يليق بالعظماء جنازة قائد الاوركسترا الايطالي الشهير جيوسيبي سينوبولي الذي توفي منذ يومين في برلين اثر نوبة قلبية مفاجئة وهو يقود اوبرا «عايدة» لفردي. وقد حاول احد الاطباء انقاذه في دار الاوبرا ببرلين بعد ان توقف عن العزف في الفصل الثاني ولكن سينوبولي لفظ انفاسه بعد نقله الى مستشفى الامراض القلبية.

ويعتبر المايسترو سينوبولي (54 سنة) من اهم قادة الفرق الموسيقية في العالم واحد الثلاثة العظام في ايطاليا مع كلاوديو ابادو (واصله عربي من عائلة ابن عباد الاندلسية) قائد اوركسترا برلين وريكاردو موتي قائد اوركسترا بميلانو، وقد ولد في مدينة البندقية ودرس الطب في جامعة بادوا كما درس الموسيقى الكلاسيكية خفية كي لا يغضب والده في نفس الوقت واختص في اعمال الموسيقار الالماني فاجنر والايطالي بوتشيني. وكان رئيسا لاوركسترا درسدن بالمانيا كما عمل حتى خريف العام الماضي كرئيس لدار الاوبرا في روما.

ودرس في السنوات الاخيرة الاثار السورية في تدمر وابلا والاثار الفرعونية في مصر ويزور هذين البلدين بانتظام وينتظر الحصول على شهادة جامعية جديدة في علم الاثار في شهر يونيو (حزيران) المقبل من جامعة فلورنسا.

ويعتبر الراحل مغني اوبرا فذا متعدد المواهب. وكان سينوبولي يؤدي اوبرا عايدة الشهيرة، وعندما وصل الى المشهد الاول من الفصل الثالث، وهو اكثر مواضعها عاطفية، وعندما انطلق صوته بكلمات «عايدة» «تعال، أواه تعال، دعنا نغادر هذه الارض المليئة بالعذاب والألم»، كان قلبه قد بدأ بالهبوط، محولا النداء الشعري الرومانسي، الى حقيقة مفجعة.

ولم تفلح كل مجهودات اطباء القلب، الذين كانوا وسط الجمهور في المسرح الذين اشرفوا عليه لاحقا من افضل مستشفى للقلب ببرلين، من انقاذه وتوفي بين يدي زوجته سيلفيا، عازفة البيانو السابقة.

ولم يكن هذا الحدث بأقل من كابوس بالنسبة لاولئك الذين كانوا يستمعون اليه في تلك اللحظات، وبالنسبة لاصدقائه في المانيا ولعشاقه في ايطاليا خاصة، وفي كل انحاء العالم. وقد شهدت على ذلك باقات الزهر التي تراكمت عند مدخل الاوبرا، ومواكب التشييع التي شهدتها روما فيما بعد، وتعابير الشعور بالصدمة التي صدرت عن كثيرين.

واذا كنا قد المحنا الى علاقته المأساوية بكلمات اوبرا عايدة، فان علاقته بمدينة برلين لا تقل درامية. فالحفل الاخير الذي اقامه كان بمثابة المصالحة مع هذه المدينة التي انقطع عنها لخلاف بينه وبين مدير الاوبرا الراحل غوتس فريدريش، وكان احياء لذكرى فريدريش نفسه. وقد استعار سينوبولي وهو يعود الى برلين كلمات اوديب «انت وهذه المدينة.. هلا تلطفت العناية بكما معا؟ وهلا ذكرتني بالخير حينما اموت؟».