دخان كثيف في الأفلام الألمانية

رغم تحذير «الصحة العالمية»: التدخين سيتسبب في 10% من الوفيات المبكرة عام 2015

TT

لم ترتق السينما الألمانية يوما إلى مستوى السينما الاميركية أو الفرنسية، بل إنها لم ترتق إلى مستوى السينما الروسية في زمن الاتحاد السوفياتي. وكان أدولف هتلر يتحسر دائما على عدم انتاج فيلم ألماني يضاهي «المدرعة بتيومكين» لعبقري السينما الروسية سيرغي آيزنشتاين، لكن دخان السينما الألمانية ظل طوال العقود الماضية يعمي الأبصار.

هذا ما توصلت إليه دراسة حديثة أجرتها وزارة الصحة الألمانية على الأفلام الروائية والتلفزيونية التي انتجت بين 1994- 2004. وتشي الدراسة، التي نشرت نتائجها أمس، بأن الممثلين الألمان في الأفلام يدخنون ضعف ما يدخنه الممثلون الأميركيون والفرنسيون والبريطانيون في أفلامهم. وتكون «الدعاية» السينمائية للسجائر أضر ما تكون حينما يستعرضها الممثلون في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية التي يشاهدها الأطفال والأسر. أجرى الدراسة معهد الابحاث العلاجية والصحية في كيل، شمال ألمانيا، لصالح وزارة الصحة وشملت 409 أفلام. ولاحظ الباحثون أن مشاهد التدخين الثقيل كانت تميز الممثلين في 75% من هذه الأفلام. بل إن الحالة تزداد سوءا بالنسبة للأفلام المخصصة للمراهقين (16 سنة فما فوق) في أوروبا عموما، وألمانيا خصوصا، لأن مشاهد التدخين تتخلل 86% من هذه الأفلام. وتعتبر نسبة التدخين في الأفلام الأميركية المخصصة للأطفال من أقلها في العالم بسبب التزام شركات الأفلام بتعليمات حماية المستهلكين (المشاهدين) من ضرر التدخين.

وكانت نسبة الممثلين الألمان الذين يمارسون التدخين في الأفلام الروائية ترتفع إلى 77% من هذه الأفلام. وتنخفض هذه النسبة قليلا في الأفلام التلفزيونية إلى 45% لكنها تعود لترتفع في برامج الحوار التلفزيوني التي يدخن فيها 69% من ضيوف البرامج. وبدا الفرق واضحا من ناحية الدخان بين القناتين الأولى والثانية في التلفزيون الألماني. فبينما كانت مشاهد التدخين أقلها في القناة الأولى 31%، ارتفعت هذه المشاهد إلى 56% في القناة الثانية. وكانت نسبة التدخين في أفلام تلفزيون «آر.تي.إل» RTL تبلغ 41% وفي تلفزيون «برو سيفين» Pro7 54%. وطالب المعهد السينما الألمانية وقنوات التلفزيون باكتساب المزيد من الوعي الصحي وأن تتحول أفلامهم وبرامجهم إلى نموذج يحتذى من قبل الأطفال والمراهقين. ونجحت وزارة الصحة، من خلال الإجراءات الرادعة، بخفض نسبة المدخنين بين سن 12-16 من 20% إلى 18% خلال السنوات الماضية، وستحتاج وسائل الإعلام الألمانية إلى كفاءات «إخراجية» عالية كي تبعد الشباب عن أجواء أبطال الأفلام المدخنين.

وسبق لمنظمة الصحة العالمية أن اعترفت قبل ايام بأن التدخين أكثر خطورة على حياة الإنسان من الإيدز. وتوقع المنظمة أن يصبح التدخين عام 2015 مسؤولا عن 10% من حالات الوفيات المبكرة على المستوى العالمي. وهذا يعني أن أمراض التدخين سيزداد خطرها بنسبة 50% عن خطر مرض الإيدز. وعلى خطأ من يعتقد أن تقليل التدخين سيقيه شرور النيكوتين، لأن دراسة فنلندية جديدة شملت 50 ألف إنسان، وتابعتهم صحيا طوال عقدين، اثبتت أن خطر أمراض التدخين على مقللي التدخين لا يختلف عن خطر المدخنين الثقيلين.