ألمانيا: مخرج يكسب قضية ضد فيلم له عن ضحايا عقار منوم

من أكبر الفضائح الطبية في البلاد.. حبة شوهت آلاف المواليد

TT

روجت شركة إنتاج الأدوية «غروننتال» لعقارها المنوم «كونترغان» عام 1975 على أنه «فعال وغير ضار كأي مكعب سكر صغير». لكن الفحوصات الطبية اللاحقة أثبتت أن العقار تسبب بين 1957 ـ 1961 بحدوث اكثر من 12 ألف ولادة مشوهة على المستوى العالمي، منها نحو 5000 ولادة في ألمانيا وحدها.

وعادت الأضواء مجددا وبقوة إلى الإعلام الألماني يوم أمس (الأربعاء) بعد أن حكمت محكمة فرانكفورت لصالح مخرج سينمائي معروف أقامت شركة «غروننتال» عليه دعوى تشهير بسبب فيلمه الجديد عن ضحايا «كونترغان».

ويتألف الفيلم «قرص واحد فقط» من جزأين، ويحكي آلام عائلة ولدت لها طفلة من دون ذراعين بسبب تناول الأم للعقار المنوم في الخمسينات. وتتحدى الشركة المخرج ادولف فينكلمان أن يثبت مسؤولية العقار عن كافة الولادات المشوهة، كما ترى أن تصوير الفيلم بعد 50 سنة من المشكلة يلحق الضرر بسمعة الشركة.

وكسب المخرج القضية ضد شركة «غروننتال» بفضل براعة محاميه سفين شولته هيلين، الذي ولد مطلع الستينات بذراع واحدة. وعاش شولته هيلين حياة صعبة مع والدته التي كانت تتعاطى العقار في الخمسينات. ووافقت المحكمة على إجازة الفيلم للعرض في السينما والتلفزيون، شرط ألا يذكر اسم العقار مباشرة في الحوار.

وتعتبر فضيحة «كونترغان» من أكبر الفضائح الطبية في ألمانيا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. واضطرت الشركة حينها لسحب العقار من التداول بعد أربع سنوات من إجازته، وحكمت عليها المحكمة عام 1970، بعد مداولات دامت سنوات، بدفع مبلغ 200 مليون مارك لتأسيس اتحاد لرعاية ضحايا كونترغان في ألمانيا. ومضت اكثر من 50 سنة على الفضيحة، إلا أن معاناة المعوقين ما زالت قائمة.

وذكر اندرياس ماير، 46 سنة، رئيس اتحاد رعاية ضحايا كونترغان في كولون، ان التشوه ترك ذكريات لا تنمحي من أذهان الأطفال المشوهيين وأهاليهم. وطالب ماير شركة «غروننتال» بدفع رواتب تقاعدية لضحايا العقار الذين بقوا على قيد الحياة في ألمانيا، وعددهم نحو 2800 شخص. ونال ماير شهادة الحقوق، لكنه عجز عن مزاولة المهنة بسبب ذراعيه القصيرتين واضطراره للبقاء على كرسي المقعدين.

من ناحيته، قال المخرج أدولف فينكلمان انه اعتمد على ملفات القضية في الستينــات والسبعينــات، والإعلانات حول العقار، والمقابلات مع الضحايا، في بناء وقائع الفيلم. وتمثل في الفيلم الطفلة «سابرينا» التي يدعى أهلها انها من ضحايا المضاعفات المتأخرة لعقار كونترغان وولدت عام 1998 بلا ذراعين وبرجل واحدة. ووجه فينكلمان حديثه إلى الجمهور قائلا: احذروا العقاقير غير المجازة، لأن قصة كونترغان قد تتكرر في أية لحظة.