سائقو لبنان يتكيفون على مضض مع حزام الأمان

TT

سائقو سيارات الاجرة في لبنان كانوا المبادرين الى الالتزام بالقرار القاضي بوضع حزام الامان اثناء القيادة ابتداء من مطلع الشهر الحالي، وذلك خوفاً من تسديد الغرامات التي تتراوح بين 25 و100 الف ليرة لبنانية (حوالي 16 و66 دولاراً اميركياً)، اضافة الى عقوبات بالسجن حتى عشرة ايام وحجز الاوراق الخاصة بالقيادة، فالقرار ينص على اعتبار مخالفة حزام الامان من مخالفات الفئة الثالثة من قانون السير.

لكن اللافت ان علاقة اللبنانيين بحزام الامان تشوبها اشكالات عديدة، اولها ان اللبناني يكره النظام جملة وتفصيلاً كما قال احد السائقين، مضيفاً: «ان الفوضى في دم اللبناني، والدولة لم تستطع حتى اليوم تعويده على الوقوف في الصف لانجاز المعاملات في اي من الدوائر الرسمية».

وكل الذرائع صالحة ليمتنع السائق عن وضع حزام الامان، فقد يبرر ذلك باصابته بالربو مثلاً، او بسبب حساسية مرضية، او ان الحزام تعطل فجأة وعلى الشرطي ان يصدق او يرفض الحجة فيجري بحق المخالف العقوبة اللازمة.

سائق الاجرة عادل بدران وضع الحزام رغم عدم جدواه في بيروت كما اوضح، حيث الشوارع مكتظة والسرعة مستحيلة، وبالتالي لا لزوم للحزام. لكن التزام عادل بالقانون سببه عدم رغبته في «تنفيع» الدولة الماهرة في الاستيلاء على رزق الفقراء، مضيفاً: «الاغنياء وكبار المسؤولين يعرفون كيف يتهربون من دفع الضرائب وفواتير الهاتف والكهرباء، وسياراتهم بأرقامها الرسمية واللافتة تتمتع بحصانة تمنع اي شرطي من التفكير حتى بتحرير اي مخالفة بحق سائقها، حتى لو انتهك قوانين السير بأمها وأبيها، فيما سيارات عامة الشعب تبقى طريدة سهلة للشرطي الذي ينسى بعد ارتدائه البذلة انه ايضاً من عامة الشعب».

فريد فياض لم يشعر بوطأة القرار حتى الآن، فسيارته التي يعود طرازها الى عام 1962، غير مجهزة بحزام، وبالتالي لا يطاله القرار قبل الثالث من اغسطس (آب) المقبل. ولأن اللبناني متعود على ترك اموره الى اللحظة الأخيرة، لا يستعجل فريد التفتيش عن طريقة لوضع حزام امان في سيارته، مكتفياً بعبارة «بعد بكير».

رجال شرطة السير وجدوا ان تجاوب اللبنانيين مع القرار مقبول في الأيام الأولى، لكن طبيعة اللبناني غير المنضبطة ستجعل تطبيقه صعباً بعد فترة. وقال شرطي انه تعمد شكر كل سائق وضع حزام الأمان، لتشجيعه على الالتزام بالقرار، مضيفاً ان «نسبة السائقين المتعودين على وضع حزام الامان لا تتجاوز 11% ومعظهم كانوا يعيشون في دول غربية او عربية، حيث الحزام الزامي».

واصدر زير الداخلية الياس المر توجيهاته الى عناصر الشرطة بعدم تمرير ضبط مخالفة بحق السائقين غير الملتزمين بالقرار، طالباً منهم الاكتفاء في الأسبوع الاول بلفت النظر، على ان يبدأ الحزم في التطبيق بعد ذلك. وفي احصاء اولي اجراه تجمع الشباب للتوعية الاجتماعية بالتعاون مع جمعية مؤسسة الابحاث العلمية، تبين انه قبل اعلان قرار الزامية وضع حزام الامان كان يلتزم به 11% من السائقين اضافة الى 5.9% من الجالسين الى جانب السائق و1% فقط من سائقي سيارات الاجرة.

اما بعد اصدار القرار فقد ارتفعت النسبة الى 19% للسائقين و5.14% للجالسين الى جانب السائق و6% لسائقي سيارات الأجرة. وتوقعت الدراسة ان ترتفع النسبة لتصل الى 90% اذا طبقت العقوبات الصادرة بحق المخالفين مما سيؤدي بالتأكيد الى تدني نسبة حوادث السير بشكل ملحوظ.