وزير الصحة البريطاني الجديد ولد ودرس في العراق

زملاء السير آرا درزي يتذكرون أيامهم معه في «كلية بغداد»

السير آرا درزي (من موقع معهد باث للهندسة الطبية)
TT

شعر الكثيرون من خريجي المدرسة الثانوية العراقية المعروفة باسم «كلية بغداد» بما يشبه الفخر وهم يطلعون على اسم زميلهم السابق، البريطاني الجنسية حاليا، السير آرا درزي، 44 عاماً، يضاف الى قائمة الوزراء في لندن حاملا حقيبة الرعاية الصحية.

ويتوزع خريجو تلك المدرسة، التي اشتهرت بتقاليدها الصارمة وبخريجيها المتفوقين، على أربعة أطراف الدنيا، حالهم حال الملايين من أبناء الشعب العراقي في العقدين الأخيرين، وبالذات بعد الهجرات الجماعية بسبب تردي الأوضاع الأمنية في السنتين الأخيرتين. لكن خريجي كلية بغداد اعتادوا أن ينظموا لقاءات دورية لهم في عدد من عواصم العالم، طالما أن اللقاء متعذر في العاصمة التي تحمل مدرستهم اسمها.

ويقول نظام حازم هرمز، المهندس العراقي المقيم في لوس انجليس، إن الوزير البريطاني درس الابتدائية في مدرسة «فرانك عيني» التي أسسها محسن ثري من أعلام الجالية اليهودية التي كانت تقيم في العراق. ويضيف «كان آرا وارتكيس ترزيان، المعروف حالياً بالسير درزي، زميلي في كلية بغداد لست سنوات، واجتزنا معا امتحان الثانوية العامة (البكالوريا) بنجاح عام 1978، وبعد ذلك غادر العراق برفقة اسرته».

وكانت مجلة «جبراهاير» الإلكترونية الموجهة للجالية الأرمنية قد ذكرت، على سبيل الخطأ، أن الوزير البريطاني من مواليد أرمينيا وأنه نشأ في آيرلندا، نقلاً عن خبر لهيئة الإذاعة البريطانية. وتلقت رسائل كثيرة لتصحيح المعلومة من زملاء آرا درزي في بغداد. وحسب ما يذكره رفاق الوزير، فإنه لم يكن اجتماعياً كثيرا أو ميالا الى الرياضة. ويقول رفيق دفعته كيفورك ساغمونيان إنه كان شديد الذكاء ويمضي وقته في الدراسة. وكان يتردد مع والديه على نادي جمعية الشبيبة الأرمنية في بغداد، حيث كانت والدته عضوا في الحلقة النسائية. وقد اعتاد والده التبرع بمبالغ سخية لإدارة الجمعية.

ولد البروفيسور الجراح في بغداد لأسرة من أصول أرمنية هاجرت هربا من مذبحة الأرمن عام 1915 التي ما زال الجدل يدور حولها في تركيا. وبعد إنهائه الثانوية رحل مع اسرته الى آيرلندا وأقام في دبلن، المدينة التي تخلو من جالية أرمنية، ودرس الطب وأصبح رائداً لنوع من العمليات الجراحية الجديدة. ورغم ذيوع شهرته وحصوله على لقب «سير» في سن مبكرة، بقي وفياً لانتمائه الأرمني وذكر في محاضرة حديثة له أنه يود لو تتاح له فرصة الذهاب الى أرض أجداده ويضع خبراته في خدمة أبنائها.

ويذكر أن كلية بغداد تأسست أوائل ثلاثينات القرن الماضي على أيدي أربعة رهبان يسوعيين بطلب من بطريرك الطائفة الكلدانية، أكبر الطوائف المسيحية في العراق. واتخذت موقعاً لها في حي الصليخ في بغداد على مساحة 37 دونماً، وهي ما زالت تستقبل الطلاب في قاعات دراسية فسيحة مع ساحات للرياضة وكرة المضرب ومختبرات للكيمياء والفيزياء. واشتهرت بحافلاتها الصفراء التي كانت تجوب شوارع بغداد وتنقل التلاميذ من والى بيتهم.

وفي كلية بغداد تخرج العديد من الذين أداروا المؤسسات المالية والطبية والهندسية والتربوية في عراق الخمسينات والستينات. ومن بين خريجيها الذين سلكوا إلى مجال السياسة في السنوات الأخيرة كل من أحمد الجلبي وإياد علاوي وعادل عبد المهدي وكنعان مكية وليث كبة. وفي عام 1969، بعد وصول البعث الى السلطة، جرى تأميمها وتسفير الرهبان الأجانب العاملين فيها وفي «جامعة الحكمة» الشقيقة لها. وفي الثمانينات انضم الى تلاميذ كلية بغداد ولدا الرئيس العراقي السابق، عدي وقصي صدام حسين.