كاتب ألماني يكشف إجرام شركات الدفن.. وتجاوزاتها

بعضها يخلط رماد ميت برماد آخر.. وأخرى تضع أكياس نفايات بدل المخدات

TT

يتجاوز الخوف من كلفة الدفن في ألمانيا خوف البعض من الموت نفسه، فشركات الدفن لا ترحم وتحقق المليارات سنويا من مراسم دفن حوالي 800 ألف ألماني يموتون كل سنة لمختلف الأسباب.

وهذا ليس كل شيء لأن الدافنين يستخدمون مختلف أنواع الحيل بهدف تقليل الكلفة وتحقيق المزيد من الأرباح. ومن لا يدقق جيدا في مراسم الدفن، ويترك أمور «الفقيد العزيز» بيد شركات الدفن، يصبح ضحية للاحتيال وهو ما زال بين الأحياء.

ونشر الكاتب الألماني ميشائيل شومرز كتابا جديدا اسمه «أعمال الموت الأكيد» يتعرض فيه لأرباح شركات الدفن وتجاوزاتهم على الموتى. وقد تخفّى الكاتب مدعيا أنه يبحث عن شركة مناسبة لدفن والده المتوقع موته بسبب مرضه الشديد. واستطاع أن يعايش تفاصيل العمل اليومية لـ30 شركة تعمل في قطاع تجارة الموت. وسجل الكاتب أن مراسم اختيار نوع التابوت (زهرية للرماد أو تابوت) وغسل وإلباس المتوفى ومن ثم مرافقته إلى مثواه الأخير، وغيرها من التفاصيل، تكلف في ألمانيا بين 1000 و5000 يورو، حسب شروط الاتفاق. وتربح شركات الدفن، فقط من الغش في نوعية التابوت، بين 600ـ800 يورو. وتحتسب بدلة المتوفى بمبلغ يتراوح بين 75 ـ 150 يورو على أهل المتوفى رغم أنها لا تكلف أكثر من 20 يورو.

ويقول المؤلف في كتابه إن قطاع الدفن ليس أكثر إجرامية من غيره من القطاعات، إلا أن القائمين عليه يستغلون مشاعر أهل الميت وحالة الحزن التي تخيم عليهم، لفرض أسعار بالغة. ثم إن شركات الدفن لا تتقدم بمقترح عن الكلفة التقديرية كما تفعل شركات تصليح التدفئة، بل تفرض أسعارها فرضا. والأسعار تتعدد، لكن الموت واحد، فهناك شركات تطلب 300 يورو عن «الشكليات» والكلفة الإضافية، في حين تكتفي شركات أخرى بـ30 يورو. وتسلمت عائلة موظف من دسلدورف (غرب) قائمة بـ1100 يورو من شركة الدفن فقط عن مراسم مرافقة رماد الميت في زهرية ومن ثم دفنها في ثقب في الأرض.

كما استطاع الكاتب أن يعمل داخل بعض الشركات بصفة «متدرب» مرسل من قبل دائرة العمل، وعمل بالتالي على كشف تفاصيل أخرى. ويقول إن رماد الموتى قد يختلط برماد آخرين، كما أنه شهد عدة مرات كيف تضع الشركة «نفايات» بدل رماد الميت في الزهرية بسبب اختلاط الأمور عليها. كما تستخدم بعض الشركات أكياس الأزبال وحشوات من النفايات بدل المخدات كي تضع المتوفى في الوضع المطلوب جسمانيا. كما يتحدث الكتاب عن عائلة طلبت لابنها تابوتا ايطاليا من الخشب الفاخر والمزخرف سعره 10 آلاف يورو، لكن الشركة اخطأت وحجزت تابوتا قصيرا، فما كان منها سوى أن تقطع رجلي المتوفي دون علم أهله.

وأكد الكاتب، في استعراضه للكتاب ببرلين، ان اكبر التجاوزات في قطاع الدفن ترتكبها شركات الدفن الكبرى سعيا وراء تقليص الكلفة. ودعا الكاتب المواطنين إلى تدقيق شروط الدفن أثناء تنفيذ المراسم، وقدم نصيحته قائلا «اختر الدفان الموثوق».