يمكن للورد أن يجرح أيادي الكثيرين، وحتى الجناينية، كما تقول أغنية نجاة الصغيرة القديمة، لكن يبدو أن حال الأطباء الألمان أصبح حال «الجناينية» يجرحون أيديهم بالحقن التي يهيئونها للمرضى.
ويقول اتحاد شركات التأمين الصحي إن جرح الأطباء لأيديهم بالحقن يعتبر من أكثر «حوادث العمل» شيوعا في المجال الصحي. وسجل الاتحاد 500 ألف حالة في عام 2007 جرح فيها الأطباء أيديهم بالحقن. ولا يعرف الاتحاد كيف تحدث مثل هذه الملابسات ولا نتائجها التفصيلية، لكنه يعرف بأنها ألحقت به أضرارا مادية كبيرة.
وتتسبب جروح أيدي الأطباء بالحقن في حالات مرضية بين الأطباء ترتفع كلفتها إلى 50 مليون يورو سنويا. ونجمت عن بعض هذه الحالات أمراض خطيرة نتيجة تماس هذه الحقن، وخصوصا المستعملة منها، بدماء المرضى. ورصد الاتحاد إصابة بعض الأطباء بالإيدز والتهاب الكبد الفيروسي والتهابات الدم. أما الأضرار «القريبة والصغيرة» فهي التهاب اليد وتمتع الطبيب بإجازة.
رغم ذلك، يعتقد اتحاد شركات التأمين، أن 50 ألف حالة في السنة ليست سوى قمة جبل الجليد، وأن الكثير من حالات جرح اليد لا يسجلها الأطباء. ويعمل في ألمانيا نحو 4.3 مليون إنسان في المجال الطبي، أي أن واحدا من كل تسعة عاملين يعمل في المستشفيات والمستوصفات والعيادات وغيرها. وقدر الاتحاد، على المستوى العالمي، أن 90% من جروح اليد بالحقن لا يجري تسجيلها في سجلات المستشفيات والعيادات.
وأجرى الاتحاد استفتاء في العيادات التابعة لجامعة فرانكفورت الطبية فتوصل إلى أن 31.5% ممن شملهم الاستفتاء تعرض إلى جرح يد بالحقنة مرة واحدة في الأقل خلال الأشهر الـ12 الماضية. واعتبر خبراء الاتحاد جروح الحقن من أخطر حوادث العمل على الأطباء بسبب تماس الحقن بالدم وسوائل الجسم الأخرى.
وربما تعود جروح الأيدي بالحقن إلى ارتباك الأطباء أو معاناتهم من الشرود والتعب والأمراض النفسية الأخرى. وذكر الطبيب النفساني بيرنهارد مويلن، من مدينة شفيننغن للاتحاد أن الأطباء يشكلون 40% من المرضى الذي يزورون عيادته «أون لاين». وعبر عن اعتقاده بأن الاكتئاب وأنواع الإدمان والمشاكل الزوجية هي من أشهر أمراض الأطباء النفسية.
وتعليقا على الإحصائية قال الجراح علي غالب، من نورمبرغ، لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يعرف كثيرا عن حالات جرح اليد بالحقن، لكنه يعرف أن الجراح الذي يجرح يده في العملية «يلقون به في القمامة».